الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة
.النفقة: .نفقة الوالدين وأخذهما من مال ابنهما: فعن عمارة بن عمير عن عمته أنها سألت عائشة قالت: في حجري يتيم أفآكل من ماله؟ فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وولده من كسبه». وأما أخذ الوالدين من مال ابنهما فإنه يجوز لهما أن يأخذا منه سواء أذن الولد أم لم يأذن. ويجوز لهما أن يتصرفا فيه ما لم يكن ذلك على وجه السرف والسفه، للحديث المتقدم ولحديث جابر أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي مالا وولده وإن أبي يريد أن يجتاح مالي. فقال: «أنت ومالك لابيك». وذهب الائمة الثلاثة إلى أنه لا يأخذ من مال ابنه إلا بقدر الحاجة. وقال أحمد: له أن يأخذ من مال ولده ما شاء عند الحاجة وغيرها. .وجوب النفقة على الوالد الموسر لولده المعسر: قال أحمد: إذا بلغ الولد معسرا أو لا حرفة له لا تسقط نفقته عن أبيه إذا لم يكن له كسب ولا مال. .النفقة للأقرباء: فمنهم من قال بعدم وجوبها إلا من باب البر وصلة الرحم. قال الشوكاني: ولا تجب على القريب لقريبه إلا من باب صلة الرحم. قال: وأما كونها لا تجب نفقة سائر القرابة إلا من باب صلة الرحم فلعدم ورود دليل يخص ذلك، بل جاءت أحاديث صلة الرحم وهي عامة، والرحم المحتاج إلى النفقة أحق الارحام بالصلة وقد قال تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاه سيجعل الله بعد عسر يسرا}. {على الموسع قدره وعلى المقتر قدره}. وقالت الشافعية: تجب النفقة على الموسر سواء أكان مسلما أم غير مسلم للاصول من الاباء والاجداد وإن علوا. وللفروع من الابناء وأبناء الابناء وأن نزلوا ولا تجب لغير هؤلاء. وقالت المالكية: لا تجب النفقة إلا للأب والأم والابن والبنت ولا تجب للاجداد ولا للاحفاد ولا لغيرهما من الاقارب ولا يمنع اختلاف الدين من وجوبها. والحنابلة: يوجبون النفقة على القريب الموسر الذي يرث القريب المحتاج إذا مات وترك مالا فهي تسير مع الميراث سيرا مطردا لأن الغرم بالغنم والحقوق متبادلة. وهم يوجبونها للوالدين وإن علوا والولد وان نزل، وعندهم لا تجب النفقة لذوي الارحام وهم من ليسوا بذوي فروض وليسوا بعصبات فلا نفقة لهم ولا علهيم إن لم يكونوا من جهة الاصول والفروع وذلك لضعف قرابتهم وعدم النص في شأنهم من قران وسنة، وقد توسع ابن حزم فقال: إنه يجبر القادر على النفقة على المحتاج من أبويه وأجداده وإن علوا، وعلى البنين والبنات وبنيهم وإن سفلوا. وعلى الاخوة والاخوات والزوجات. كل هؤلاء يسوي بينهم في إيجاب النفقة ولا يقدم منهم أحد على أحد. فإن فضل هؤلاء عن هؤلاء بعد كسوتهم ونفقتهم شيء أجبر على النفقة على ذوي رحمه المحرمة ومورثيه إن كان من ذكرنا لا شيء لهم ولا عمل بأيديهم تقوم مؤونتهم منه. وهم الاعمام والعمات وإن علوا والاخوال والخالات وان علوا وبنو الاخوة وان سفلوا ومن قدر من كل هؤلاء على معاش وتكسب وان كان خسيسا فلا نفقة له إلا الابوين والاجداد والجدات والزوجات فانه يكلف أن يصونهم عن خسيس الكسب وإن قدر على ذلك. ويباع عليه في كل ما ذكرنا ما به عنه غنى من عقاره وعروضه وحيوانه. .نفقة الحيوان: فإن لم يفعل أجبره الحاكم على النفقة عليها أو على بيعها أو على ذبحها. فإن لم يفعل تصرف الحاكم بما هو أصلح. 1- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض». 2- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملا خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له». قالوا: يا رسول الله: وإن لنا في البهائم أجرا؟ فقال: «في كل كبد رطبة أجر». .الحجر: .تعريفه: ومعناه في الشرع: منع الإنسان من التصرف في ماله. .أقسامه: .الأول: الحجر لحق الغير: فقد حجر الرسول صلى الله عليه وسلم على معاذ وباع ماله في دينه رواه سعيد بن منصور. .والثاني: الحجر لحفظ النفس: .الحجر على المفلس: وسمي مفلسا وإن كان ذا مال لأن ماله مستحق للغرماء، فكأنه معدوم لا وجود له ويعرف الفقهاء: بأنه الشخص الذي كثر دينه ولم يجد وفاء له فحكم الحاكم بإفلاسه. .مماطلة القادر على الوفاء: قال ابن المنذر: أكثر من نحفظ عنه من علماء الأمصار وقضاتهم يرون الحبس في الدين. وكان عمر بن عبد العزيز يقسم ماله بين الغرماء ولا يحبس. وبه قال الليث: فإن أصر على عدم قضاء الدين ولم يبع ماله باعه الحاكم وقضى رب المال دفعا للضرر عنه. .الحجر على المفلس وبيع ماله: وله أن يبيع ماله إذا امتنع عن بيعه ويقع بيعه صحيحا لأنه يقوم مقامه. وأصل هذا ما رواه سعيد بن منصور وأبو داود وعبد الرزاق من حديث عبد الرحمن بن كعب بن مالك، مرسلا، قال: «كان معاذ بن جبل شابا سخيا وكان لا يمسك شيئا. فلم يزل يدان حتى أغرق ماله كله في الدين. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه ليكلم غرماءه. فلو تركوا لاحد لتركوا لمعاذ لاجل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فباع رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ماله حتى قام معاذ بغير شئ». وفي نيل الاوطار: استدل بالحجر على معاذ على أنه يجوز الحجر على كل مدين. وعلى أنه يجوز للحاكم بيع مال المدين لقضاء دينه من غير فرق بين من كان ماله مستغرقا بالدين ومن لم يكن ماله كذلك. ا.هـ. ومتى تم الحجر عليه فإن تصرفه لا ينفذ في أعيان ماله لأن هذا هو مقتضى الحجر، وهو قول مالك وأظهر قولي الشافعي. ويقسم المال بالحصص على الغرماء الحاضرين الطالبين الذين حلت آجال حقوقهم فقط لا يدخل فيهم حاضر لا يطلب ولا غائب لم يوكل. ولا حاضر أو غائب لم يحل أجل حقه طلب أو لم يطلب. وهذا ما ذهب إليه أحمد وهو أصح قولي الشافعي. وعند مالك يحل الدين بالحجر إذا كان مؤجلا. أما الميت المفلس فإنه يقضي لكل من حضر أو غاب، طلب أو لم يطلب، ولكل ذي دين سواء أكان الدين حالا أم مؤجلا. ويقدم حق الله كالزكاة والكفارات على حق العباد لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «فإن دين الله أحق بالقضاء». وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يجوز الحجر على المدين ولا بيع ماله بل يحبسه الحاكم حتى يقضي. والرأي الأول أرجح لموافقته للحديث. .الرجل يجد ماله عند المفلس: 1- من وجد ماله بعينه عند المفلس فانه أحق به من سائر الغرماء، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من غيره» رواه البخاري ومسلم. 2- إذا تغير المال بالزيادة أو النقص فإنه ليس صاحبه أولى به بل يكون أسوة الغرماء أي مثل الغرماء. 3- إذا باع المال وقبض بعض الثمن فإنه يكون أسوة الغرماء وليس له حق في استرجاع المبيع عند الجمهور. والراجح من قولي الشافعي أن البائع أولى به. 4- إذا مات المشتري ولم يكن البائع قبض الثمن ثم وجد البائع ما باعه فهو أولى به للحديث المتقدم. ولأنه لا فرق بين الموت والافلاس. هذا عند الشافعي. وقال أبو هريرة «لاقضين فيكم بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أفلس أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به» وهذا الحديث صححه الحاكم. .لا حجر على معسر: فإن تبين إعساره لا يحبس ولا يحجر عليه ولا يلازمه الغرماء بل ينظر إلى ميسرة لقول الله سبحانه: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة}. وروى مسلم أن رجلا مدينا أصيب في ثمار ابتاعها فتصدقوا عليه. فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم للغرماء: «خذوا ما وجدتم وليس لكم لا ذلك». وإنظار المعسر ثوابه مضاعف، فعن بريدة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة». .ترك ما يقوم به معاشه: ويترك له من المال ما يستأجر به خادما يصلح لخدمة مثله. وإن كان تاجرا يترك له ما يتجر به. وإن كان محترفا يترك له آلة الحرفة. ويجب له ولمن تلزمه نفقتهم أدنى نفقة مثلهم من الطعام والكسوة. قال الشوكاني: يجوز لاهل الدين أن يأخذوا جميع ما يجدونه معه إلا ما كان لا يستغنى عنه وهو المنزل وستر العورة وما يقيه البرد وسد رمقه ومن يعول. وفي شرحه لهذا الكلام ذكر حديث معاذ ثم قال: لكنه لم يثبت أنهم أخذوا ثيابه التي عليه أو أخرجوه من منزله أو تركه هو ومن يعول لا يجدون ما لا بد لهم منه، ولهذا ذكرنا أنه يستثنى له ذلك.ا.هـ. .الحجر على السفيه: قال الله تعالى: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما}. دلت الآية على جواز الحجر على السفيه. قال ابن المنذر: أكثر علماء الأمصار يرون الحجر على كل مضيع لماله صغيرا كان أم كبيرا. وفي نيل الاوطار: قال في البحر: والسفه المقتضي للحجر عند من أثبته هو صرف المال في الفسق أو فيما لا مصلحة فيه ولا غرض ديني ولا دنيوي كشراء ما يساوي درهما، بمائة لا صرفه في أكل؟ يب ولبس نفيس وفاخر المشموم لقول الله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الايات لقوم يعلمون}. وكذا لو أنفقه في القرب ا.هـ. .تصرفات السفيه: فإذا صدر الحكم عليه بالحجر فإن تصرفه لا يصح لأن هذا هو مقتضى الحجر. فلا ينعقد له بيع ولا شراء ولا وقف، ولا يصح له إقرار. .إقرار السفيه على نفسه:
|