الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المناهي اللفظية **
أولا: إن كان الاستثناء صادرًا عن شك في وجود أصل الإيمان فهذا محرم بل كفر ؛ لأن الإيمان جزم والشك ينافيه. ثانيا: إن كان صادرًا عن خوف تذكية النفس والشهادة لها بتحقيق الإيمان قولا وعملا واعتمادا، فهذا واجب خوفا من المحذور. ثالثًا: إن كان المقصود من الاستثناء التبرك بذكر المشيئة، أو بيان التعليل وأن ما قام بقلبه من الإيمان بمشية الله، فهذا جائز التعليق على هذا الوجه - أعني بيان التعليل - لا ينافي تحقيق المعلق فإنه قد ورد التعليق على هذا الوجه في الأمور المحققة كقوله - تعالى -: فأجاب بقوله: قول (فلان المرحوم) أو (تغمده الله برحمته) لا بأس بها، لأن قولهم (المرحوم) من باب التفاؤل والرجاء، وليس من باب الخبر، وإذا كان من باب التفاؤل والرجاء فلا بأس به. وأما (أنتقل إلى رحمه الله) فهو كذلك فيما يظهر لي إنه من باب التفاؤل، وليس من باب الخبر، لأن مثل من أمور الغيب ولا يمكن الجزم به، وكذلك لا يقال (انتقل إلى الرفيق الأعلى). فأجاب قائلا: عبارة (لكم تحياتنا، وأهدي لكم تحياتي) ونحوهما من العبارات لا بأس بها قال الله - تعالى فأجاب بقوله: أوجد أو خلق ليس بينهما فرق، فلو قال: أوجد الله كذا كانت بمعنى خلق الله كذا، وأما صور فتختلف لأن التصوير عائد إلى الكيفية لا إلى الإيجاد. فأجاب بقوله: الذي أرى أن اسم إيمان فيه تذكية وقد صح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه غير اسم (بره) خوفًا من التذكية ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن زينب كان اسمها بره فقيل تذكي نفسها فسماها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ زينب (10 / 575 الفتح)، وفي صحيح المسلم (3/1687) عن ابن عباس - رضي الله عنهما قال كانت جويرية اسمها بره وحول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اسمها جويرية وكان يكره أن يقال خرج من عند بره، وفيه أيضا ص 1638 عن محمد بن عمر ابن عطاء قال سميت بنتي بره فقالت لي زينب بنت أبي سلمة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهي عن هذا الاسم وسميت بره فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: الأول: أنه يقال خرج من عند بره وكذلك يقال خرج من بره. والثاني: التذكية والله أعلم منا بمن هو أهل التذكية. على هذا ينبغي اسم إيمان لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهي عما فيه تذكية، ولا سيما إذا كان اسما لامرأة لأنه للذكور أقرب منه للإناث لأن كلمة (إيمان) مذكرة .. فأجاب بقوله: اسم إيمان يحمل نوعًا من التذكية وبهذا لا تنبغي التسمية به لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ غير اسم بره لكونه دالا على التذكية، والمخاطب في ذلك هم الأولياء الذين يسمون أولادهم بمثل هذه الأسماء التي تحمل التذكية لمن تسمي بها، أما من كان علما مجردا لا يفهم منه التذكية فهذا لا بأس به ولهذا نسمي بالصالح والعلي وما أشبهما من الأعلام المجردة التي لا تحمل معنى التذكية. فأجاب بقوله: هذه الألقاب (حجة الله) (حجة الإسلام) ألقاب حادثة لا تنبغي لأنه لا حجة لله على عباده إلا الرسل. وأما (آية الله) فإني لا أريد المعنى الأعم وهو يدخل في كل شيء: وفي كل شيء له آية .. تدل على أنه واحد. وإن أريد لانه آية خارقة بهذا لا يكون إلا على أيدي الرسل، لكن يقال عالم، مفتي، قاضي، حاكم، إمام، لمن كان مستحقا لذلك. فأجاب قائلا: هذه العبارات إذا كان الإنسان يقصد بذلك أنه يعبر عن العرب أو يعبر عن أهل البلد فهذا لا بأس به، وأن قصد التبرك والاستعانة فهو نوع من الشرك، وقد يكون شركا أكبر بحسب ما يقوم في قلب صاحبه من التعظيم بمن استعان به. فأجاب الشيخ بقوله: هذه العبارة صحيحة إذا كان للمذكور أثر في حصوله، فإن الإنسان له الفضل على أخيه إذا احسن إليه، فإذا كان الإنسان في هذا الأمر أثر حقيقي فلا بأس أن يقال: هذا بفضل فلان، أو بجهود فلان، أو ما أشبه ذلك، لأن إضافة الشيء إلى سببه المعلوم جائزة شرعا وحسًا، ففي صحيح مسلم أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال في عمه أبي طالب: أما إذا أضاف الشيء إلى السبب وليس بصحيح فإن هذا لا يجوز، وقد يكون شركا، كما لو أضاف حدوث أمر لا يحدثه إلا الله إلى أحد من المخلوقين، أو أضاف شيئا إلى أحد من الأموات أنه هو الذي جلبه له فإن هذا من الشرك في الربوبية. فأجاب فضيلته بقوله: لا أرى فيها مانعًا إذا قال الإنسان (البقية في حياتك) لا أري فيها مانعا، ولكن الأولى أن يقال إن في الله خلق من كل هلاك، أحسن من أن يقال (البقية في حياتك)، كذلك الرد عليه إذا غير المعزي هذا الأسلوب فسوف يتغير الرد. فأجاب بقوله: أفضل ما يثني به العبد على ربه هو ما أثنى به سبحانه على نفسه أو اثني به عليه أعلم الناس به نبيه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ والله - عز وجل - لم يثن على نفسه وهو يتحدث عن عموم ملكه وتمام سلطانه وتصرفه أن بيده الشر كما في قوله تعالى -: فأجاب قائلا: قول العامة (تباركت علينا) لا يريدون بهذا ما يريدونه بالنسبة إلى الله - عز وجل - وإنما يريدون أصابنا بركة من مجي، والبركة يصح إضافتها إلى الإنسان، قال أسيد إلى حبير لما نزلت آية التيمم بسبب عقد عائشة الذي ضاع منها قال: (ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر). وطلب البركة لا يخلو من أمرين: الأمر الأول: أن يكون طلب البركة بأمر شرعي معلوم مثل القرآن الكريم قال الله - تعالى -: الأمر الثاني: أن يكون طلب البركة بأمر حسي معلوم، مثل العلم فهذا الرجل يتبرك به بعلمه ودعوته إلى الخير، قال أسيد ابن حبير (ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر) فإن الله قد يجري على أيدي بعض الناس من أمور الخير ما لا يجريه على يد الآخر. وهناك بركات موهومة باطلة مثل ما يعزم به الدجالون أن فلانًا الميت الذي يذعمون أنه ولي أنزل عليكم من بركته وما أشبه ذلك، فهذه البركة باطلة لا أثر لها، وقد يكون للشيطان أثر في هذا الأمر لكنها لا تعدوا أن تكون آثارًا حسية بحيث أن الشيطان يخدم هذا الشيخ فيكون في ذلك فتنة. أما كيفية معرفة هل هذه من البركات الباطلة أو الصحيحة؟ فيعرف ذلك بحال الشخص، فإن كان من أولياء الله المتقين المتبعين للسنة المبتعدين عن البدع فإن الله قد يجعل على يديه من الخير والبركة ما يحصل لغيره، أما إن كان مخالفا للكتاب والسنة، أو يدعو إلى الباطل فإن بركته موهومة، وقد تضعها الشياطين له مساعدة على باطله. فأجاب بقوله: الظاهر أنه صحيح، لأنه معناهم الكتب الموروثة عن من سبق. ولا أعلم في هذا مانعًا . فأجاب بقوله: من قال: إن في الإسلام تجديد تشريع في الواقع خلافهم ؛ فالإسلام كمل بوفاة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، والتشريع انتهى بها . نعم الحوادث والوقائع تتجدد، ويحدث في كل عصر ومكان ما لا يحدث في غيره، ثم ينظر فيها بالتشريع، ويحكم عليها على ضوء الكتاب والسنة. ويكون هذا الحكم من التشريع الإسلامي الأول، ولا ينبغي أن يسمى تشريعا جديدا ؛ لأنه هضم للإسلام، ومخالف للواقع، ولا ينبغي أيضًا أن يسمى تغيير للتشريع، لما فيه من كسر سياج حرمة الشريعة، وهيبتها في النفوس أو تعريضها لتغير لا يسير على ضوء الكتاب والسنة ولا يرضيه أحد من أهل العلم والإيمان. أما إذا كان الحكم على الحادثة ليس على ضوء الكتاب والسنة، فهو تشريع باطل ؛ ولا يدخل تحت التقسيم في التشريع الإسلامي. ولا يرد على ما قلته إمضاء عمر - رضي الله عنه - لطلاقه الثلاث، مع أنه كان واحدة لمدة سنتين من خلافته، ومدة عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وعهد أبي بكر، لأن هذا من باب التعذير بإلزام المرء مع التزامه لذا قال عمر - رضي الله عنه -: (أرى الناس قد تعجلوا في أمر كانت له فيه إناء فلو أمضيناه عليهم). فإمضاءه عليهم، وباب التعذير واسع في الشريعة، لأن المقصود به التقويم والتأديب.
فأجاب قائلا: قولهم (تدخل القدر) لا تصلح لأنها تعني أن القدر اعتدى بالتدخل وأنه كالمتطفل على الأمر، مع أنه أي القدر هو الأصل فكيف يقال تدخل؟ والأصح أن يقال: ولكن نزل القضاء والقدر أو اغلب القدر أو نحو ذلك، ومثل ذلك (تدخلت عناية الله) الأولى إبدالها بكلمة حصلت عناية الله، أو أقضت عناية الله . فأجاب بقوله: التسمي بأسماء الله - عز وجل - يكون على وجهين: الوجه الأول: وهو على قسمين: القسم الأول: أن يحلى بـ (ال) ففي هذه الحال لا يسمى به غير الله - عز وجل - كما لو سميت أحدًا بالعزيز، والسيد، والحكيم، وما أشبه ذلك فإن هذا يسمى به غير الله لان (ال) هذه تدل على لمح الأصل وهو المعنى الذي تضمنه هذا الاسم. القسم الثاني: إذا قصد بالاسم معنى الصفة وليس محلي بـ (ال) فإنه لا يسمى به ولهذا غير النبي صلى الله عليه وسلم كنية أبي الحكم التي تكنى بها ؛ لأن أصحابه يتحاكمون إليه فقال النبي، صلى الله عليه وسلم الوجه الثاني: أن يتسمى غير محلي بـ (ال) وليس المقصود به معنى الصفة فهذا لا بأس به مثل حكيم ومن الأسماء بعض الصحابة حكيم ابن حزام الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم، لكن في مثل (حبار) لا ينبغي أن يتسمى وإن كان لم يلاحظ الصفة وذلك لأنه لا يأثر في نفس المسمى فيكون معه جبروت وغلو واستكبار على الخلق فمثل هذه الأشياء التي قد تؤثر على صاحبها ينبغي للإنسان أن يتجنبها. والله أعلم. فأجاب بقوله: لا يجوز أن يسمي الإنسان بهذه الأسماء بشرط إلا يلاحظ فيها المعنى الذي اشتقت منه بأن تكون مجرد علم فقط، ومن أسماء الصحابة الحكم، وحليم ابن حزام وكذلك اشتهر بين الناس اسم عادل وليس بمنكر، أما إذا لوحظ فيه المعنى الذي اشتقت منه هذه الأسماء فإن الظاهر أنه لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم غير اسم أبى الحكم الذي تكني به ؛ لكون قومه يتحاكمون إليها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فأجاب قائلا: الثناء على النفس إن أراد به الإنسان التحدث بنعمة الله - عز وجل - أو أن يتأسى بها غيره من أقرانه ونظائره فهذا لا بأس به، وإن أراد الإنسان تذكية نفسه وإدلاله بعمله على ربه - عز وجل - فإنه هذا فيه شيء من المنة ولا يجوز فقد قال الله - تعالى -: من أراد به مجرد الخبر فلا بأس به لكن الأولى تتركه. فالأحوال إذن في مثل هذا الكلام الذي فيه ثناء المرء على نفسه أربع: الحالة الأولى أن يريد بذلك التحدث بنعمة الله عليه فيما حباه به من الإيمان والثبات. الحالة الثانية: أن يريد بذلك تنشيط أمثاله ونظائره على مثل ما كان عليه. فهاتان الحالتان محمودتان لما يشتملان عليه من هذه النية الطيبة. الحالة الثالثة: أن يريد بذلك الفخر والتباهي والإدلال على الله - عز وجل- بما هو عليه من الإيمان والثبات وهذا غير جائز لما ذكرنا من الآية. الحالة الرابعة: أن يريد بذلك مجرد الخبر أن نفسه بما هو عليه من الإيمان والثبات فهذا جائز ولكن الأولى تركه فأجاب بقوله:قول (حاج) يعني أد الحج لا شيء فيها. وأما السيد فيظهر إن كان صحيحا أنه ذو زيادة فيقال: هو سيد بدون الـ فلا بأس به، بشرط ألا يكون فاسقا ولا كافرًا، فإن كان فاسقا أو كافرا فإنه لا يجوز إطلاق لفظ سيد إلا مضافا إلى قومه، مثل سيد بنى فلان، أو سيد الشعب فلان ونحو ذلك. فأجاب بقوله: هو الذي وصفه بالتحريم إما أن يكون ما حرم الله كما لو قالوا حرام أن يعتدي الرجل على أخيه أو أشبه ذلك فإن وصف هذا الشيء بالحرام صحيح مطابق لما جاء به الشرع. وأما إذا كان الشيء غير محرم فإنه لا يجوز أن يوصف بالتحريم ولو لفظًا ؛ لأن ذلك قد يوهمه تحريم ما أحل الله -عز وجل - أو يوهم الحجر على الله - عز وجل - في قضاءه وقدره بحيث يقصدون بالتحريم التحريم القدري، لأن التحريم يكون قدريا ويكون شرعيا فيما يتعلق بفعل الله - عز وجل - وإنه يكون تحريمًا قدريًا، وما يتعلق بشرعه فإنه يكون تحريما شرعيا على هذا فينهى هؤلاء على إطلاق مثل هذه الكلمة ولو كانوا لا يريدون بها التحريم الشرعي، لأن التحريم القدري ليس إليه أيضا بل هو إلى الله - عز وجل - هو الذي يفعل ما يشاء فيحدث ما يشاء وأن يحدث ويمنع ما شاء أن يمنعه، فالمهم أن الذي أرى أنه يتنزهون عن هذه الكلمة وأن يبتعدوا عنها وإن كان قصدهم في ذلك شيء صحيحًا. والله الموفق. فأجاب بقوله: سؤالكم عما ورد في جوابنا رقم (46) من أن التحريم يكون قدريًا ويكون شرعيًا وطلبكم أمثلة لذلك فإليكم ما طلبتم: فمن التحريم القدري قوله - تعالى - في موسى: . ومن التحريم الشرعي قوله - تعالى -:
|