الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.فصل في ذكر قراءات السورة كاملة: .قال ابن جني: سورة القيامة:بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِقرأ الحسن: {لأُقْسِم}، بغير ألف، و{لا أُقْسِم}، بألف.وروى عنه بغير ألف فيهما جميعا، والألف فيهما جميعا.قال أبو الفتح: حكى أبو حاتم عن الحسن أنه قال: أقسم بالأولى، ولم يقسم بالثانية.قال أبو حاتم: وكذلك زعم خارجة عن ابن أبي إسحاق: يقسم بيوم القيامة، ولا يقسم بالنفس اللوامة. ورواها أبو حاتم أيضا عن أبي عمرو وعيسى مثل ذلك.وينبغي أن تكون هذه اللام لام الابتداء، أي: لأنا أقسم بيوم القيامة، وحذف المبتدأ للعلم به، على غرة حال الحذف والتوكيد. فهذا هو الذي ينبغي أن يحتمل عليه هذه القراءة، ولا ينبغي أن يكون أراد النون للتوكيد؛ لأن تلك تختص بالمستقبل، لأن الغرض إنما هو الآن مقسم لا أنه سيقسم فيما بعد، ولذلك حملوه على زيادة (لا)، وقالوا: معناه أقسم بيوم القيامة، أي: أيا مقسم الآن، ولأن حذف النون هنا ضعيف خبيث.ومن ذلك قراءة اب عباس وعكرمة وأيوب السختياني والحسن: {الْمفِرّ}.وقرأ: {الْمفر} الزهري.قال أبو الفتح: {الْمفر}، بفتح الميم، والفاء- المصدر، أين الفرار. و{المفر} – بفتح الميم، وكسر الفاء-: الموضع الذي يفر إليه. {والْمفر}- بكسر الميم، وفتح الفاء-: الإنسان الجيد الفرار، كقولهم: رجل مطعن ومضرب، أي: مطعان ومضراب. قال:معناه: أين الإنسان الجيد الفرار؟ ولن ينجو من ذلك، لا أن هناك مطمعا في الحياة.ومن ذلك قراءة ابن عباس: {وأيقن أنّهُ الْفِراقُ}، وقال ابن عباس في تفسيره: ذهب الظن.قال أبو الفتح: ينبغي أن يحسن الظن بابن عباس، فيقال: إنه أعلم بلغة القوم من كثير من علمائهم، ولم يكن ليخفى عليه أن ظننت قد تكون بمعنى علمت، كقوله: أي: أيقنوا بذلك وتحققوه، لكنه أراد لفظ اليقين الذي لا يستعمل في الشك، وكأنه قال: ذهب اللفظ الذي يصلح للشك، وجاء اللفظ الذي هو تصريح باليقين. إلى هذا ينبغي أن يذهب بقوله، والله أعلم.ومن ذلك قراءة طلحة بن سليمان: {أنْ يُحْيِي الْموْتى}، ساكنة قال أبو الفتح: معنى قول ابن مجاهد: أنه قرأ على سكون الياء من {يُحْيِي}، على لغة من قال: فأسكن الياء في موضع النصب، لا أن الياء في قوله: {يُحْيِي الْموْتى} ساكنة، وذلك أنه لا ياء هناك في اللفظ أصلا، لا ساكنة ولا متحركة؛ لأنها قد حذفت لسكونها وسكون اللام من {الموتى}.قال أبو العباس: إسكان هذه الياء في موضع النصب من أحسن الضرورات، حتى إنه لو جاء به جاء في النثر لكان جائزا، وشواهد ذلك في الشعر أكثر من أن يؤتى بها. ومما جاء منه في النثر قولهم: لا أكلمك حيرى دهر، فأسكن الياء من حيرى، وهي في موضع نصب. وفيه عندي شيء لم يذكره أبو علي ولا غيره من أصحابنا، وذلك أنه أصله حيرى دهر، ومعناه مدة الدهر، فكأنه مدة تحير الدهر وبقائه، فلما حذفت أخرى الياءين بقيت الياء ساكنة كما كانت قبل الحذف؛ دلالة على أن هذا محذوف من ذلك الذي لو لم يحذف لما كانت ياؤه إلا ساكنة، ومثل ذلك عندي قول الهذلي: أراد: رب، فحذف أحدى الياءين، وبقى الثانية مجزومة كما كانت قبل الحذف، وإن لم يكن هناك موجب للحركة لالتقاء الساكنين، ولولا ذلك لوجب تسكين باء رب، كتسكين لام هل وبل، ودال قد إذ لا ساكنين هناك فتجب الحركة لالتقائهما. ولهذا نظائر كثيرة في المجيء باللفظ على حكم لفظ آخر لأنه في معناه وإن عرى هذا من موجب اللفظ في ذاك، نحو تصحيح عور وحول لأنهما في معنى ما لابد من صحته، وهو اعور واحول.ولولا الإطالة المعقود على تحاميها، وتجنب الإكثار بها- لأوسعنا ساحة القول في هذا ونحوه، ولم نقتصر على ما نورده منه. ولولا ما رددناه من شاهد قد مضى هو أو مثله فليكون الموضع المقول عليه حاملا لنفسه، ناهضا بشواهده، لاسيما مع من لا يؤمن من شذوذ ما قبله، فيختل الموضع لذلك. اهـ. .قال الدمياطي: سورة القيامة:مكية.وآيها ثلاثون وتسع في غير الكوفي والحمصي وأربعون فيهما.خلافها:آية {لتعجل به} لهما.مشبه الفاصلة:{بصِيرة} {معاذيره}.القراءات:وقرأ {لا أقسم} [الآية 1] الأولى بحذف الألف من غير لا البزي من طريق أبي ربيعة وقنبل كما مر بيونس ووجهت بأن اللام لام للتأكيد أو جواب قسم مقدر دخلت على مبتدأ محذوف أي لأنا أقسم وإذا كان الجواب اسمية أكد باللام وإذا كان خبرها مضارعا جاز أن يكون للحال لأن البصريين يمنعون أن يقع فعل الحال جوابا للقسم فإن ورد ما ظاهره ذلك كما هنا جعل الفعل خبر المضمر فيعود الجواب جملة اسمية التقدير والله لأنا أقسم كما مر والباقون بإثبات الألف وهي رواية ابن الحباب عن البزي بجعل لا نافية لكلام مقدر كأنهم قالوا إنما أنت مفتر في الأخبار عن البعث فرد عليهم بـ: {لا} ثم ابتدأ فقال: {أقسم} وقيل نفي للقسم بمعنى أن الأمر أعظم وقيل زائدة تأكيدا على حد لئلا يعلم وهو شائع كقولهم لا وأبيك وعلى هذا اقتصر القاضي وخرج بالأولى {ولا أقسم بالنفس} كالبلد المتفق على الألف فيهما كالرسم.وقرأ {أيحسب} الآية 3 بكسر السين نافع وابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب وخلف عن نفس.وأمال {بلى} أبو بكر بخلفه وحمزة والكسائي وخلف وبالفتح والصغرى الأزرق وأبو عمرو.واختلف في {برق} الآية 7 فنافع وأبو جعفر بفتح الراء والباقون بكسرها لغتان في التحير والدهشة.وعن الحسن {المفر} بكسر الفاء اسم مكان الفرار.وعن ابن محيصن {بلنسان} وبالإدغام.وأمال {ألقى} حمزة والكسائي وخلف وقلله الأزرق بخلفه ومثله {أولى} {فأولى}. ونقل ابن كثير {قرآنه} معا.واختلف في {يحبون} {ويذرون} الآية 20 فنافع وعاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف بالخطاب فيهما والباقون بالغيب.وسكت حفص بخلفه من طريقيه على نون {من راق} سكتة لطيفة من غير تنفس لئلا يتوهم أنها كلمة ومر بالكهف.ووقف عليه بالياء ابن محيصن.وأمال رؤوس الآي من {صلى} إلخ حمزة والكسائي وخلف وقللها أبو عمرو والأزرق.ورقق لام {صلى} وجها واحدا حيث قللها كذلك لما تقدم أن الإمالة والتغليظ ضدان لا يجتمعان.ووافق أبو بكر حمزة ومن معه على إمالة {سدى} وقفا من طريق المصريين والمغاربة وصحح في النشر عنه الوجهين.واختلف في{يمنى} الآية 37 فهشام من طريق الشنبوذي عن النقاش عن الجمال عن الحلواني وكذا من طريق المفسر والشذائي عن الداجوني وحفص ويعقوب بالياء من تحت على جعل الضمير عائدا على {مني} أي يصب فالجملة محلها جر صفة لـ: {مني} وافقهم ابن محيصن والحسن والباقون بالتاء من فوق على أن الضمير للنطفة.المرسوم:كتب في بعض المصاحف {ينبؤا} بواو وألف.واتفقوا على وصل {ألن نجمع}. اهـ..قال عبد الفتاح القاضي: سورة القيامة:{لا أقسم} الأول قرأ ابن كثير بخلف عن البزي بحذف الألف التي بعد اللام، والباقون بإثبات الألف وهو الوجه الثاني للبزي، ولا خلاف بينهم في إثبات الألف في الموضع الثاني وهو: {ولا أقسم بالنفس}.{أيحسب} معا فتح السين ابن عامر وعاصم وحمزة وأبو جعفر وكسرها غيرهم.{برق} فتح الراء المدنيان وكسرها الباقون.{ينبؤا} رسمت الهمزة فيه على واو على الراجح، وتقدم كثيرا أن فيه وفي أمثاله لهشام وحمزة في الوقف خمسة أوجه.{بصِيرة} {معاذيره}، {ناضرة}، {ناظرة}، {باسرة}، {فاقرة}، رقق راء الجميع ورش.{وقرآنه} معا نقل المكي حركة الهمزة إلى الراء وحذف الهمزة وغيره بترك النقل.{قرآناه} أبدل همزه أبو جعفر والسوسي في الحالين وحمزة في الوقف، ووصل هاءه المكي.{تحبون} {وتذرون} قرأ المكي والبصريان والشامي بياء الغيبة فيهما، والباقون بتاء الخطاب كذلك.{من راق} قرأ حفص بالسكت على نون من سكتة لطيفة من غير تنفس وغيره بإدغام النون في الراء من غير غنة.{الفراق} لا ترقيق فيه لورش لوجود حرف الاستعلاء.{صلى} ليس لورش فيه إلا ترقيق اللام لأنه رأس آية، وليس له في رءوس أي السورة الإحدى عشرة إلا التقليل ويلزم من التقليل ترقيق اللام.{يمنى} قرأ حفص ويعقوب بياء الغيبة وغيرهما بتاء الخطاب. اهـ..فصل في حجة القراءات في السورة الكريمة: .قال ابن خالويه: ومن سورة القيامة:قوله تعالى: {لا أقسم} يقرأ بالمد والقصر فالحجة لمن مد أنه أراد دخول لا على أقسم وفي دخولها غير وجه.قال قوم هي زائدة صلة للكلام والتقدير أقسم بيوم القيامة.وقال من يرد ذلك العرب لا تزيد لا في أول الكلام ولكنها هاهنا رد لقول من أنكر البعث وكفر بالتنزيل فقيل له لا ليس كما تقول اقسم بيوم القيامة والحجة لمن قصر انه جعلها لام التأكيد دخلت على أقسم والاختيار لجاعلها لام التأكيد ان يدخل عليها النون الشديدة كقوله: {لأعذبنه عذابا شديدا} واحتج ان الله عز وجل اقسم بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة.قوله تعالى: {فإذا برق البصر} اجماع القراء كسر الراء الا نافعا فإنه فتحها فالحجة لمن كسر أن الكسر لا يكون الا في التحير وأنشد:أي تحير فأما الفتح فلا يكون الا الضياء وظهوره كقولهم برق الصبح والبرق اذا لمعا وأضاءا وقال أهل اللغة برق وبرق فهما بمعنى واحد وهو تحير الناظر عند الموت والعرب تقول لكل داخل برقة أي دهشة وحيرة.قوله تعالى: {بل تحبون العاجلة وتذرون} يقرآن بالياء والتاء فالحجة لمن قرأهما بالياء انه ردهما على معنى قوله: {ينبأ الإنسان} لانه بمعنى الناس والحجة لمن قرأهما بالتاء انه اراد قل لهم يا محمد بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة.قوله تعالى: {من راق} اجمع القراء على قراءتها بالوصل والادغام الا ما رواه حفص عن عاصم بقطعها وسكتة عليها ثم يبتديء {راق} ومعنى {راق} فاعل من الرقية وقيل من الرقي بالروح الى السماء وكان ابو بكر بن مجاهد رضي الله عنه يقرأ بهذه السورة في صلاة الصبح فيعتمد الوقف على الياء من قوله: {التراقي} ويبين الياء.قوله تعالى: {من مني يمنى} اجمع القراء فيه على التاء ردا على المعنى إلا ما رواه حفص عن عاصم بالياء ردا على النطفة ومثله {يغشى طائفة} و{تغلي} بالياء والتاء. اهـ.
|