الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{فسقى لَهُمَا} مواشيهما رحمة عليهما. قيل كانت الرعاة يضعون على رأس البئر حجرًا لا يقله إلا سبعة رجال أو أكثر فأقله وحده مع ما كان به من الوصب والجوع وجراحة القدم، وقيل كانت بئرًا أخرى عليها صخرة فرفعها واستقى منها. {ثُمَّ تولى إِلَى الظل فَقَالَ رَبّ إِنّى لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ} لأي شيء أنزلت إلي. {مّنْ خَيْرٍ} قليل أو كثير وحمله الأكثرون على الطعام. {فَقِيرٌ} محتاج سائل ولذلك عدى باللام، وقيل معناه إني لما أنزلت إلى من خير الدين صرت فقيرًا في الدنيا، لأنه كان في سعة عند فرعون والغرض منه إظهار التبجح والشكر على ذلك.{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِى عَلَى استحياء} أي مستحيية متخفرة. قيل كانت الصغرى منهما وقيل الكبرى واسمها صفوراء أو صفراء وهي التي تزوجها موسى عليه اسلام. {قَالَتْ إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ} ليكافئك. {أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} جزاء سقيك لنا، ولعل موسى عليه الصلاة والسلام إنما أجابها ليتبرك برؤية الشيخ ويستظهر بمعرفته لا طمعًا في الأجر، بل روي أنه لما جاءه قدم إليه طعامًا فامتنع عنه وقال: إنا أهل بيت لا نبيع ديننا بالدنيا حتى قال له شعيب عليه الصلاة والسلام: هذه عادتنا مع كل من ينزل بنا. هذا وأن كل من فعل معروفًا فأهدي بشيء لم يحرم أخذه.{فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ القصص قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ القوم الظالمين} يريد فرعون وقومه.{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا} يعني التي استدعته. {ياأبت استأجره} لرعي الغنم. {إِنَّ خَيْرَ مَنِ استأجرت القوى الأمين} تعليل شائع يجري مجرى الدليل على أنه حقيق بالاستئجار وللمبالغة فيه، جعل {خَيْرٌ} اسمًا وذكر الفعل بلفظ الماضي للدلالة على أنه امرؤ مجرب معروف. روي أن شعيبًا قال لها وما أعلمك بقوته فذكرت إقلال الحجر وأنه صوب رأسه حتى بلغته رسالته وأمرها بالمشي خلفه.{قَالَ إِنّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابنتى هَاتَيْنِ على أَن تَأْجُرَنِى} أي تأجر نفسك مني أو تكون لي أجيرًا، أو تثيبني من أجرك الله. {ثَمَانِىَ حِجَجٍ} ظرف على الأولين ومفعول به على الثالث بإضمار مضاف أي رعية ثماني حجج. {فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا} عملت عشر حجج. {فَمِنْ عِندِكَ} فإتمامه من عندك تفضلًا لا من عندي إلزاما عليك. وهذا استدعاء العقد لا نفسه، فلعله جرى على أجرة معينة وبمهر آخر أو برعية الأجل الأول ووعد له أن يوفي الأخير إن تيسر له قبل العقد، وكانت الأغنام للمزوجة مع أنه يمكن اختلاف الشرائع في ذلك. {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ} بإلزام إتمام العشر أو المناقشة في مراعاة الأوقات واستيفاء الأعمال، واشتقاق المشقة من الشق فإن ما يصعب عليك يشق عليك اعتقادك في إطاقته ورأيك في مزاولته. {سَتَجِدُنِى إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصالحين} في حسن المعاملة ولين الجانب والوفاء بالمعاهدة.{قَالَ ذَلِكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ} أي ذلك الذي عاهدتني فيه قائم بيننا لا نخرج عنه. {أَيَّمَا الأجلين} أطولهما أو أقصرهما. {قُضِيَتِ} وفيتك إياه. {فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ} لا تعتدي علي بطلب الزيادة فكما لا أطالب بالزيادة على العشر لا أطالب بالزيادة على الثمان، أو فلا أكون متعديًا بترك الزيادة عليه كقولك لا إثم علي، وهو أبلغ في إثبات الخيرة وتساوي الأجلين في القضاء من أن يقال إن قضيت الأقصر فلا عدوان علي. وقرىء {أَيَّمَا} كقوله:
وأي الأجلين ما قضيت فتكون ما مزيدة لتأكيد الفعل أي: أي الأجلين جردت عزمي لقضائه، وعدوان بالكسر. {والله على مَا نَقُولُ} من المشارطة. {وَكِيلٌ} شاهد حفيظ. اهـ.
|