فصل: الحكم الرابع: ما هي شروط الحجاب الشرعي؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.المعنى الإجمالي:

يأمر الله تعالى نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، أن يوجه النداء إلى الأمة الإسلامية جمعاء، بأن تعمل على التمسك بآداب الإسلام، وإرشاداته الفاضلة، ونظمه الحكيمة، التي بها صلاح الفرد وسعادة المجتمع، وخاصة في أمر اجتماعي هام، يتعلق بالأسرة المسلمة، ألا وهو الحجاب الشرعي الذي فرضه الله على المرأة المسلمة، ليصون لها كرامتها، ويحفظ عليها عفافها، ويحميها من النظرات الجارحة، والكلمات اللاذعة، والنفوس المريضة، والنوايا الخبيثة، التي يكنها الفساق من الرجال للنساء غير المحتشمات، فيقول الله تعالى ما معناه.
يا أيها النبي بلغ أوامر الله إلى عباده المؤمنين، وابدأ بنفسك فمر زوجاتك أمهات المؤمنين الطاهرات، وبناتك الفضليات الكريمات أن يرتدين الجلباب الشرعي، وأن يحتجبن عن أنظار الرجال، ليكن قدوة لسائر النساء، في التعفف، والتستر، والاحتشام، حتى لا يطمع فيهن فاسق، أو ينال من كرامتهن فاجر، وأمر سائر نساء المؤمنين، أن يلبسن الجلباب السابغ، الذي يستر محاسنهن وزينتهن، ويدفع عنهن ألسنة السوء، وأمرهن كذلك أن يغطين وجوههن وأجسامهن بجلابيبهن، ليميزن عن الإماء والقينات، فلا يكن هدفا للمغرضين، وليكن بعيدات عن التشبه بالفواجر، فلا يتعرض لهن إنسان بسوء، فذلك أقرب إلى أن يعرفن بالعفة والتصون، فلا يطمع فيهن من في قلبه مرض، {وكان الله غفورا} يغفر لمن امتثل أمره، رحيما بعباده حيث لا يشرع لهم إلا ما فيه خيرهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة.

.سبب النزول:

روى المفسرون في سبب نزول هذه الآية الكريمة، أن الحرة والأمة كانتا تخرجان ليلا لقضاء الحاجة في الغيطان، وبين النخيل، من غير تمييز بين الحرائر والإماء، وكان في المدينة فساق، لا يزالون على عاداتهم في الجاهلية يتعرضون للإماء، وربما تعرضوا للحرائر، فإذا قيل لهم يقولون: حسبناهن إماء. فأمرت الحرائر أن يخالفن الإماء في الزي فيتسترن ليحتشمن ويهبن فلا يطمع فيهن ذوو القلوب المريضة، فأنزل الله: {يا أيها النبي قل لأزواجك} الآية.
وقال ابن الجوزي: سبب نزولها أن الفساق كانوا يؤذون النساء إذا خرجن بالليل، فإذا رأوا المرأة عليها قناع تركوها وقالوا: هذه حرة، وإذا رأوها بغير قناع قالوا: أمة، فآذوها، فنزلت هذه الآية: قاله السدي.

.وجوه الإعراب:

1- قوله تعالى: {يا أيها النبي} أي: منادى، والهاء للتنبيه، و{النبي} صفة ل {أي} قال ابن مالك: وأيها مصحوب أل بعد صفة.
2- قوله تعالى: {قل لأزواجك} قل: أمر، و{يدنين} مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة، وجملة {يدنين عليهن} مقول القول في محل جزم جواب الطلب.
3- قوله تعالى: {ذلك أدنى أن يعرفن} أي بأن يعرفن مجرور بحرف جر محذوف، واسم الإشارة مبتدأ، وما بعده خبر، والتقدير: ذلك أقرب بمعرفتهن أنهن حرائر، والله أعلم.

.لطائف التفسير:

اللطيفة الأولى: بدأ الله تعالى بنساء الرسول صلى الله عليه وسلم وبناته في الأمر ب الحجاب الشرعي وذلك للإشارة إلى أنهن قدوة لبقية النساء فعليهن التمسك بالآداب الشرعية ليقتدي بهن سائر النساء، والدعوة لا تثمر إلا إذا بدأ الداعي بها في نفسه وأهله، ومن أحق من بيت النبوة بالتمسك بالآداب والفضائل؟ وهذا هو السر في تقديمهن في الخطاب في قوله تعالى: {قل لأزواجك وبناتك}.
اللطيفة الثانية: الأمر بالحجاب إنما جاء بعد أن استقر امر الشريعة على وجوب ستر العورة، فلابد أن يكون الستر المأمور به هنا زائدا على ما يجب من ستر العورة، ولهذا اتفقت عبارات المفسرين على- اختلاف ألفاظها- على أن المراد بالجلباب: الرداء الذي تستر به المرأة جميع بدنها فوق الثياب، وهو ما يسمى في زماننا ب الملاءة أي الملحفة، وليس المراد ستر العورة كما ظن بعض الناس.
اللطيفة الثالثة: في هذا التفصيل والتوضيح أزواجك، بناتك، نساء المؤمنين رد صريح على الذين يزعمون أن الحجاب إنما فرض على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، فإن قوله تعالى: {ونساء المؤمنين} يدل دلالة قاطعة على أن جميع نساء المؤمنين مكلفات بالحجاب، وأنهن داخلات في هذا الخطاب العام الشامل، فكيف يزعمون أن الحجاب لم يفرض على المرأة المسلمة؟!.
اللطيفة الرابعة: أمر الحرائر بالتستر ليميزن عن الإماء، قد يفهم من أن الشارع أهمل أمر الإماء، ولم يبال بما ينالهن من الإيذاء، وتعرض الفساق لهن، فكيف يتفق هذا مع حرص الإسلام على طهارة المجتمع؟
والجواب: أن الإماء بطبيعة عملهن، يكثر خروجهن وترددهن في الأسواق، لقضاء الحاجات وخدمة سادتهن، فإذا كلفن بلبس الجلباب السابغ كلما خرجن، كان في ذلك حرج ومشقة عليهن، وليس كذلك الحرائر لأنهن مأمورات بالاستقرار في البيوت {وقرن في بيوتكن} [الأحزاب: 33] وعدم الخروج إلا عند الحاجة، فلم يكن عليهن من الحرج والمشقة في التستر ما على الإماء، وقد وردت الآية السابقة {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات} [الأحزاب: 58] وهي تتوعد المؤذين بالعذاب الأليم، وهذا يشمل الحرائر والإماء.
اللطيفة الخامسة: قوله تعالى: {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} فيه ذكر للعلة أي الحكمة التي فرض من أجلها الحجاب، والأحكام الشرعية كلها مشروعة لحكمة وجمهور المفسرين موجها إلى جميع النساء، سواء منهن الحرائر والإماء وفسر قوله تعالى: {أن يعرفن} أي يعرفن بالعفة والتستر والصيانة، فلا يطمع فيهن أهل السوء والفساد، وإليك نص كلامه كما في البحر المحيط:
والظاهر أن قوله تعالى: {ونساء المؤمنين} يشمل الحرائر والإماء، والفتنة بالإماء أكثر لكثرة تصرفهن بخلاف الحرائر، فيحتاج إخراجهن من عموم النساء إلى دليل واضح. وقوله: {أدنى أن يعرفن} أي يعرفن لتسترهن بالعفة فلا يتعرض لهن، ولا يلقين بما يكرهن، لأن المرأة إذا كانت في غاية التستر بالعفة فلا يتعرض لهن، ولا يلقين بما يكرهن، لأن المرأة إذا كانت في غاية التستر والانضمام لم يقدم عليها، بخلاف المتبرجة فإنها مطموع فيها.
وهو رأي تبدو عليه مخايل الجودة، والدقة في الاستنباط.
وما اختاره أبو حيان هو الذي نختاره لأنه يحقق غرض الإسلام في التستر والصيانة والله أعلم.

.الأحكام الشرعية:

.الحكم الأول: هل يجب الحجاب على جميع النساء؟

يدل ظاهر الآية الكريمة على أن الحجاب مفروض على جميع المؤمنات المكلفات شرعا وهن: المسلمات، الحرائر، البالغات لقوله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين} الآية.
فلا يجب الحجاب على الكافرة لأنها لا تكلف بفروع الإسلام، وقد أمرنا أن نتركهم وما يدينون، ولأن الحجاب عبادة لما فيه من امتثال أمر الله عز وجل، فهو بالنسبة للمسلمة كفريضة الصلاة والصيام، فإذا تركته المسلمة جحودا فهي كافرة مرتدة عن الإسلام، وإذا تركته- تقليدا للمجتمع الفاسد- مع اعتقادها بفرضيته فهي عاصية مخالفة لتعاليم القرآن {ولا تبرجن تبرج الجاهلية} [الأحزاب: 33].
وغير المسلمة- وإن لم تؤمر بالحجاب- لكنها لا تترك تفسد في المجتمع، وتتعرى أمام الرجل، وتخرج بهذه الميوعة والانحلال الذي نراه في زماننا، فإن هناك آدابا اجتماعية يجب أن تراعى، وتطبق على الجميع، وتستوي فيها المسلمة وغير المسلمة حماية للمجتمع، وذلك من السياسات الشرعية التي تجب على الحاكم المسلم.
وأما الإماء فقد عرفت ما فيه من أقوال للعلماء، وقد ترجح لديك رأي العلامة أبي حيان: في أن الأمر بالستر عام يشمل الحرائر والإماء، وهذا ما يتفق مع روح الشريعة في صيانة الأغراض، وحماية المجتمع، من التفسخ والانحلال الخلقي، وأما البلوغ فهو شرط التكليف كما تقدم.
أقول: يطلب من المسلم أن يعود بناته منذ سن العاشرة على ارتداء الحجاب الشرعي حتى لا يصعب عليهن بعد ارتداؤه، وإن لم يكن الأمر على وجه التكليف وإنما هو على وجه التأديب قياسا على أمر الصلاة مروا أولادكم بالصلاة وهم أنباء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع.

.الحكم الثاني: ما هي كيفية الحجاب؟

أمر الله المؤمنات بالحجاب وارتداء الجلباب صيانة لهن وحفظا، وقد اختلف أهل التأويل في كيفية هذا التستر على أقوال:
أ- فأخرج ابن جرير الطبري عن ابن سيرين أنه قال: سألت عبيدة السلماني عن هذه الآية: {يدنين عليهن من جلابيبهن} فرفع ملحفة كانت عليه فتقنع بها، وغطى رأسه كله حتى بلغ الحاجبين، وغطى وجهه وأخرج عينه اليسرى من شق وجهه الأيسر.
ب- وروى ابن جرير وأبو حيان عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: تلوي الجلباب فوق الجبين، وتشده ثم تعطفه على الأنف، وإن ظهرت عيناها، لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه.
ج- وروي عن السدي في كيفيته أنه قال: تغطي إحدى عينيها وجبهتها، والشق الآخر إلا العين. قال أبو حيان: وكذا عادة بلاد الأندلس لا يظهر من المرأة إلاعينها الواحدة.
د- وأخرج عبد الرزاق وجماعة عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: لما نزل هذه الآية: {يدنين عليهن من جلابيبهن} خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من أكسية سود يلبسنها.

.الحكم الثالث: هل يجب على المرأة ستر وجهها؟

تقدم معنا في سورة النور أن المرأة منهية عن إبداء زينتها إلا للمحارم {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبآئهن} [النور: 31] الآية ولما كان الوجه أصل الزينة، ومصدر الجمال والفتنة، لذلك كان ستره ضروريا عن الأجانب، والذين قالوا إن الوجه ليس بعورة اشترطوا ألا يكون عليه شيء من الزينة كالأصباغ والمساحيق التي توضع عادة للتجمل، وبشرط أمن الفتنة، فإذا لم تؤمن الفتنة فيحرم كشفه.
ومما لا شك فيه أن الفتنة في هذا الزمان غير مأمونة، لذا نرى وجوب ستر الوجه حفاظا على كرامة المسلمة، وقد ذكرنا بعض الحجج الشرعية على وجوب ستره في بحث بدعة كشف الوجه من سورة النور، ونزيد هنا بعض أقوال المفسرين في وجوب ستر الوجه.
طائفة من أقوال المفسرين في وجوب ستر الوجه:
أولا: قال ابن الجوزي في قوله تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن} أي يغطين رءوسهن ووجوههن ليعلم أنهن حرائر، والمراد بالجلابيب: الأردية قاله ابن قتيبة.
ثانيا: وقال أبو حيان في البحر المحيط: وقوله تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن} شامل لجميع أجسادهن، أو المراد بقوله: {عليهن} أي على وجوههن، لأن الذي كان يبدوا منهن في الجاهلية هو الوجه.
ثالثا: وقال أبو السعود: الجلباب: ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء، تلويه المرأة على رأسها وتبقي منه ما ترسله على صدرها، ومعنى الآية: أي يغطين بها وجوههن وأبدانهن إذا برزن لداعية من الدواعي.
وعن السدي: تغطي إحدى عينيها وجبهتها والشق الآخر إلا العين.
رابعا: وقال أبو بكر الرازي: وفي هذه الآية: {يدنين عليهن من جلابيبهن} دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبييين. وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع فيهن أهل الريب.
خامسا: وفي تفسير الجلالين: الجلابيب جمع جلباب، وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة، قال ابن عباس: أمر نساء المؤمنين أن يغطين رءوسهن ووجوههن بالجلابيب إلا عينا واحدة ليعلم أنهن حرائر.
سادسا: وفي تفسير الطبري: عن ابن سيرين أنه قال: سألت عبيدة السلماني عن قوله تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن} فرفع ملحفة كانت عليه فتقنع بها وغطى رأسه كله حتى الحاجبين، وغطى وجهه وأخرج عينه اليسرى من شق وجهه الأيسر، وروي مثل ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وقد تقدم الحديث سابقا.
فهذا وأمثاله كثير من أقوال مشاهير المفسرين، يدل دلالة واضحة على وجوب ستر الوجه وعدم كشفه أمام الأجانب، اللهم إلا إذا كان الرجل خاطبا، أو كانت المرأة في حالة إحرام بالحج، فإنه وقت عبادة والفتنة مأمونة، فلا يقاس على هذه الحالة كما يفعل بعض الجهلة اليوم، حيث يقولون: إذا جاز لها أن تكشف عن وجهها في حالة الإحرام فمعناه أنه يجوز لها أن تكشف في غيره من الأوقات لأن الوجه ليس بعورة، فهذا كلام من لم يفقه شريعة الإسلام.
ومن درس حياة السلف الصالح، وما كان عليه النساء الفضليات- نساء الصحابة والتابعين- وما كان عليه المجتمع الإسلامي في عصره الذهبي من التستر، والتحفظ، والصيانة عرف خطأ هذا الفريق من الناس، الذين يزعمون أن الوجه لا يجب ستره بل يجب كشفه، ويدعون المرأة المسلمة أن تسفر عن وجهها بحجة أنه ليس بعورة، لأجل أن يتخلصوا من الإثم- بزعمهم- في كتم العلم، وما دروا أنها مكيدة دبرها لهم أعداء الدين، وفتنة من أجل التدرج بالمرأة المسلمة إلى التخلص من الحجاب الشرعي، الذي عمل له الأعداء زمنا طويلا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

.الحكم الرابع: ما هي شروط الحجاب الشرعي؟

يشترط في الحجاب الشرعي بعض الشروط الضرورية وهي كالآتي:
أولا: أن يكون الحجاب ساترا لجميع البدن لقوله تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن}. وقد عرفت معنى الجلباب وهو الثوب السابغ الذي يستر البدن كله، ومعنى الإدناء وهو الإرخاء والسدل فيكون الحجاب الشرعي ما ستر جميع البدن.
ثانيا: أن يكون كثيفا غير رقيق، لأن الغرض من الحجاب الستر، فإذا لم يكن ساترا لا يسمى حجابا لأنه لا يمنع الرؤية ولا يحجب النظر، وفي حديث عائشة أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم... الحديث.
ثالثا: ألا يكون زينة في نفسه، أو مبهرجا ذا ألوان جذابه يلفت الأنظار لقوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} [النور: 31] الآية ومعنى {ما ظهر منها} أي بدون قصد ولا تعمد، فإذا كان في ذاته زينة فلا يجوز ارتداؤه، ولا يسمى حجابا لأن الحجاب هو الذي يمنع ظهور الزينة للأجانب.
رابعا: أن يكون فضفاضا غير ضيق، لا يشف عن البدنن ولا يجسم العورة، ولا يظهر أماكن الفتنة في الجسم، وفي صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا». وفي رواية أخرى: وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام. رواه مسلم.
ومعنى قوله عليه السلام: «كاسيات عاريات».
أي كاسيات في الصورة عاريات في الحقيقة، لأنهن يلبسن ملابس لا تستر جسدا، ولا تخفي عورة، والغرض من اللباس الستر، فإذا لم يستر اللباس كان صاحبه عاريا.
ومعنى قوله: «مميلات مائلات» أي مميلات لقلوب الرجال مائلات في مشيتهن، يتبخترن بقصد الفتنة والإغراء، ومعنى قوله: «كأسنمة البخت» أي يصففن شعورهن فوق رءوسن، حتى تصبح مثل سنام الجمل، وهذا من معجزاته عليه السلام.
خامسا: ألا يكون الثوب معطرا فيه إثارة للرجال لقوله عليه الصلاة والسلام: «كل عين نظرت زانية، وإن المرأة استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا يعني زانية» وفي رواية: «أن المرأة استعطرت فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية».
وعن موسى بن يسار قال: مرت بأبي هريرة امرأة وريحها تعصف فقال لها: أين تريدين يا أمة الجبار؟ قالت: إلى المسجد، قال: وتطيبت؟ قالت: نعم، قال: فارجعي فاغتسلي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يقبل الله من امرأة صلاة، خرجت إلى المسجد وريحها تعصف حتى ترجع وتغتسل».
سادسا: ألا يكون الثوب فيه تشبه بالرجال، أو مما يلبسه الرجال لحديث أبي هريرة: «لعن النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة الرجل». وفي الحديث: «لعن الله المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء» أي المتشبهات بالرجال في أزيائهن وأشكالهن كبعض نساء هذا الزمان نسأله تعالى السلامة والحفظ.