الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البهجة في شرح التحفة ***
(ومتلف منفعة مقصودة) كقلع عيني عبد أو قطع يديه أو يد واحدة وهو صانع أو إذهاب لبن شاة هو معظم المقصود منها أو قطع رجل واحدة من أي حيوان كان أو قطع ذنب دابة ذي هيئة ومروءة كقاض وأمير وكاتب وشهيد أو قطع طيلسان من ذكر أو عمامته ونحو ذلك. (مما له كيفية معهودة) عند ربه لا يستعمله إلا على تلك الكيفية، وإنما كان قطع الذنب وما بعده مفيتاً وإن كان عيباً يسيراً مراعاة لمالكها لأن ذا الهيبة لا يلبسها ولا يركبها على تلك الحال فصار قطعها كإتلافها عليه، ولذا وجب له الخيار كما قال: (صاحبه خير) أي يخير (في الأخذ له) أي للشيء الذي فات المقصود منه (مع أخذه لأرش عيب حله) فيقوم سالماً بعشرة ومعيباً بخمسة مثلاً فيأخذه مع الخمسة. (أو) بمعنى الواو أي وفي (أخذه لقيمة المعيب) سالماً معتبرة (يوم حدوث حالة التعييب) وهي العشرة في المثال المذكور ويسلم المعيب للمتعدي. ثم أشار إلى مفهوم مقصوده فقال: (وليس) يجب لربه على المتعدي (إلا الأرش حيث) كانت (المنفعة) الذي أفسدها المتعدي (يسيرة) لا تفيت المقصود كإذهاب لبن بقرة أو ناقة لأن فيهما منافع غير اللبن، ومن ذلك من قتل عجلاً فعليه قيمته وما نقصته أمه من حلابها، وكذلك قطع لبن حمارة أو رمكة أو قلع عين واحدة لعبد لأن العين الباقية يتصرف معها كما يتصرف بالاثنين أو قطع يد واحدة وهو غير صانع أو خرق ثوب أو كسر قصعة خرقاً وكسراً لا يفيت المقصود فإن الشيء يقوم في ذلك كله سالماً بعشرة مثلاً ومعيباً بثمانية ويأخذه مع ما نقصه ولا خيار لربه. (و) إنما لم يخير لأن (الشيء) المجنى عليه لا زال (معها) أي الجناية (في سعة) لم يفت المقصود منه (خ) والمتعدي جان على بعض غالباً فإن أفات المقصود منه كقطع ذنب دابة ذي هيئة أو أذنها أو طيلسانه ولبن شاة هو المقصود، أو قلع عيني عبد أو يديه فله أخذه ونقصه أو قيمته، وإن لم يفته فنقصه الخ. لكن إنما يأخذه ربه مع نقصه في المفيت وغيره. (من بعد رفو الثوب) الذي خرقه عمداً أو خطأ (أو إصلاح ما كان منه قابل الصلاح) كقصعة فيرقعها أو عصا فيجبرها أو حلى فيصيغه، فإن رجع لحالته فلا شيء عليه والإغرام ما نقصه الثوب ونحوه بعد الرفو والترقيع لا قبل ذلك، فإذا كان أرش النقص قبل الرفو درهمين وبعده درهماً واحداً وأجر الرفو نصف درهم فإنما يلزمه درهم ونصف وإنما يلزمه رفوه في المفيت إذا اختار ربه أخذه ونقصه إذ في حالة اختيار ربه القيمة ليس على المتعدي رفوه، وما قررناه به من أنه يلزمه رفوه في المفيت وغيره هو المشهور. (خ): ورفو الثوب مطلقاً الخ. وقيل إنما يلزمه الرفو في غير المفيت، ورجحه ابن يونس، ودرج عليه ابن سلمون وابن فرحون وغيرهما، وهو ظاهر المدونة والناظم، بل صرح ابن سلمون بأن القول بالرفو في المفيت ضعيف، وذلك كله يفيد أن ما رجحه ابن يونس هو المعتمد، ومفهوم رفو الثوب أن الدابة لا يلزمه أن يداويها، وكذا أجرة الطبيب لا تلزمه، وقيل يلزمانه (خ): وفي أجرة الطبيب قولان. ورجح كل منهما فرجح (تت) في كبيره عدم اللزوم قال وقال بعضهم: إنه المشهور ورجح الأجهوري ومن تبعه الثاني، وهو الذي استحسنه اللخمي وابن عرفة كما نقله الزرقاني في الدماء قائلاً: ثم الذي استحسنه ابن عرفة القول بأن على الجاني أجرة الطبيب وثمن الدواء سواء برىء على شين أم لا. مع الحكومة في الأول، وأما ما فيه شين مقدر فليس فيه دواء، ولو برىء على شين سوى موضحة الوجه والرأس فيه أجرة الطبيب وثمن الدواء اه. ونحوه في ابن سلمون قائلاً: والحيوان وغيره في ذلك سواء يعني يلزمه مداواة الدابة وغيرها كما يلزمه رفو الثوب، وبهذا تعلم أن ما رجحه الأجهوري ومن تبعه أصح وأقوى، وعليه فإن برئت الدابة أو غيرها على غير شين فلا شيء عليه إلا الأدب في العمد، وإن برئا على شين غرم النقص في الدابة والعبد وفي الحر حكومة بنسبة نقصان الجناية إذا برىء من قيمته عبداً فرضاً من الدية الخ. كما يأتي إن شاء الله. ومحل القولين في جرح خطأ ليس فيه مال مقدر أو عمداً لا قصاص فيه لإتلافه أو لعدم المساواة أو لعدم المثل وليس فيه مال مقدر أيضاً، وأما إذا كان فيه مال مقدر فإنما عليه ذلك المال ولا يلزمه دواء ولا ثمنه، ولو برىء على شين كما لابن عرفة، وكذا العمد الذي فيه القصاص فإن الواجب فيه القصاص إلا أن يتصالحا على شيء يتفقان عليه. تنبيه: قال ابن رحال: تنزل عندنا نازلة وهي أن الخماس مثلاً يخرج في وقت الحصاد أو الحرث فيمنع من العمل هل يلزم الجاني أن يعطيه أجيراً يخدم في محله لأنه عطله ولا عنده ما يعيش به غير ما ذكر قال: ويظهر من كلام اللخمي أنه يلزم الجاني ذلك لأنه ظالم أحق بالحمل عليه اه. قلت: هذا الجرح إن كان عمداً فالواجب فيه القصاص فإن تصالحا على شيء فلا كلام، وإن طلب القصاص فليس له أن يقتص ويأخذ أجيراً يخدم في محله لأن الشارع إنما حكم بالقصاص من غير زيادة عليه ولا حجة في كونه عطله لأن الجانب كذلك يعطل أيضاً عن حرفته وقت قصاصه منه، وإن كان الجرح خطأ مما لا قصاص أو لكونه من المتالف أو لعدم المماثل فهذا الذي تقدم أنه يجب فيه أجرة المداواة وتجب فيه الحكومة إن برىء على شين، وإن كان فيه مال مقدر فإنما عليه ذلك المقدر كما مرّ. فقوله يظهر من كلام اللخمي الخ. غير ظاهر وبهذا كنت اعترضته في شرحنا للشامل ثم بعد ذلك بسنين وقفت على الشيخ الرهوني اعترضه أيضاً بقول (خ): وضمن منفعة البضع والحر بالتفويت وغيرهما بالفوات الخ قائلاً: فالمجروح إن كان حراً فلا شيء على من عطله إذا لم يستعمله كما لو عطله بشد يده أو غير ذلك من موانع العمل، وإن كان عبداً وجب عليه غرم قيمة منفعته لا أنه يأتي بشخص آخر يعمل مكانه. وهو وطء حرة أو أمة جبراً على غير وجه شرعي. (و) بالغ (واطىء لحرة مغتصبا) بكسر الصاد أي مكرهاً لها (صداق مثلها) يوم الوطء (خ): ومهر المثل ما يرغب به مثله فيها باعتبار دين وجمال وحسب ومال وبلد الخ. أي وكونها بكراً أو ثيباً من جملة ما يرغب به فيها. (عليه وجبا) ويتعدد الصداق بتعدد الوطآت بخلاف وطء الشبهة (خ) واتحد المهران اتحدت الشبهة كالغالط بغير عالمة وإلاَّ تعدد كالزنا بها أو بالمكرهة الخ. والضمير في قوله بها يعود على غير العالمة، ومفهوم قوله مغتصباً. وقول (خ) بالمكرهة أن الزنا بالطائعة لا صداق فيه وهو كذلك لأنها أذنت في فساد بضعها، وهذا ظاهر إذا كانت بالغة يعتبر إذنها، وانظر لو كانت صغيرة يوطأ مثلها وطاوعته على الزنا بها هل عليه صداقها وهو الظاهر لأن إذنها غير معتبر، وأما من لا يوطأ مثلها فإنما عليه ما شانها ونقصها عن صداق مثلها لأن وطأها جرح لا وطء، واحترزت بقولي بالغ من الصغير يطأ السفيهة أو الصغيرة البكرين فعليه ما شانهما بدليل قوله: وضمن ما أفسد إن لم يؤمن عليه ولا عبرة برضا الصغيرة وموافقتها له على الوطء، وكذا السفيهة بخلاف الرشيدة ولا شيء عليه في الثيب، انظر الشارح عند قوله في النكاح: ولولي صغير فسخ عقده الخ. (إن ثبت الوطء) بالمعاينة أو بالإقرار من غير المحجور بل (ولو ببينة بأنه غاب عليها معلنة) صفة لقوله: بينة أي ولو ببينة معلنة أي شاهدة بأنه احتملها بمحضرهم وغاب عليها غيبة يمكن فيها الوطء وادعته المرأة ولو صغيرة يمكن وطؤها أو سفيهة، فإنه يجب لها جميع الصداق فإن صدقت الغاصب في عدم الوطء فلا شيء لها ولو صغيرة كما يفهم من قول (خ): وصدقت في خلوة الاهتداء في الوطء وفي نفيه وإن سفيهة وأمة الخ. وظاهره أن البكر لا ينظرها النساء والعمل على خلافه. (وقيمة النقص عليه في الأمة) أي وعليه في الأمة ما نقصها وطؤه علياً كانت أو وخشاً طائعة أو مكرهة (هبها سوى) أي غير (بكر) بأن تكون ثيباً (وغير مسلمة) بأن تكون يهودية أو نصرانية، وهذا حيث أقر بوطئها أو قامت عليه بينة بمعاينة الوطء، وأما إن شهدت بينة بغيبته عليها غيبة يمكن فيها الوطء فالمشهور لا شيء عليه، وقيل يضمن قيمة النقص، ويجب أن يكون العمل عليه لموافقته لما مرّ في الغاصب للصرة وغيرها. وثالثها إن كانت رائعة واختاره ابن رشد، وإنما وجب عليه ما نقصها في الثيب لأنه بوطئه أحدث فيها عيباً وهو مؤالفتها للزنا لأنها وإن كانت مكرهة فقد ترضى به في ثاني حال فتقوم على أنها لم يطأها الغاصب بعشرة مثلاً وبوطئة بثمانية ويغرم ما بينهما. (والولد) من الأمة المذكورة (استرق) أي يحكم باسترقاقه (حيث علما) أنه من الزنا وذلك بأن لم يكن لها زوج ولا سيد أو كان لها سيد ونفاه بشرط اعتماده في نفيه على الاستبراء بحيضة وولدت لستة أشهر فأكثر من يوم الزنا (خ): ولا يمين إن أنكره ونفاه وولدت لستة أشهر الخ. فإن لم ينفه وادعت هي أنه من الغصب فلا كلام لها، وكذا إن قالت: هو من الزوج الأول وقد أتت به لستة أشهر فأكثر من تزوج الثاني فلا يقبل قولها، بل هو للثاني حرة كانت أو أمة، ولو صدقها الثاني في ذلك فلا ينتفي عنه إلا بلعان (خ): ولو تصادقا على نفيه (والحد مع ذاك) الغرم للصداق أو قيمة النقص (عليه فيهما) أي الحرة والأمة، وهذا إذا شهد أربعة بمعاينة الوطء أو أقر بذلك على نفسه ولم يرجع عنه، وأما إن شهدوا بأنه احتملها وغاب عليها وادعت المرأة الوطء وأنكر هو فلا حد عليه، وإنما عليه الصداق للحرة ولا شيء عليه في الأمة كما مر. وقوله في المقرب: ومن اغتصب امرأة ووطئها في دبرها يعني ادعت هي ذلك بعد غيبته عليها فلها الصداق دون الحد عليه، إذ لا يجب الحد إلا بالبينة أو الإقرار كما مر، وأما الاستبراء فواجب عليها (خ) عاطفاً على ما يوجب قدر العدة أو غاب غاصب أو ساب أو مشتر الخ. ثم أشار إلى مفهوم قوله: إن ثبت الوطء الخ. فقال: (وإن يكن ذا الغصب بالدعوى) فقط من غير ثبوته ببينة ولا إقرار (ففي تفصيله) يتعلق بيفي آخر البيت (بيان حكمه) مبتدأ خبره (يفي) والجملة جواب الشرط، والتقدير فبيان حكمه يأتي مذكوراً في تفصيله وحاصل التفصيل أن المدعى عليه إما أن يكون معروفاً بالدين والخير، وإما أن يكون مجهول الحال لا يعرف بخير ولا فسق، وإما أن يكون معروفاً بالفساد والفسق، وفي كل إما أن تأتي مستغيثة متعلقة به عند النازلة أو تدعي عليه ذلك بعد حين فالأقسام ستة فأشار إلى أولها بقوله: (فحيثما الدعوى على من قد شهر بالدين والصلاح والفضل نظر). في ذلك. (فإن تكن) الدعوى (بعد التراخي) عن النازلة (زمناً) قريباً أو بعيداً (حدت لقذف) فتجلد ثمانين (و) حدت أيضاً (ب) سبب (حمل) ظهر بها (للزنا) إن كانت محصنة ولم ترجع عن قولها. وتجلد مائة إن كانت بكراً وإنما تعدد الحد لاختلاف موجبهما. (وحيثما رحمها منه) أي من الحمل (برى فالحد) للزنا (تستوجبه) أيضاً (في) القول (الأظهر) هذا كله بالنسبة للمرأة، وأما الرجل فلا يمين عليه ولا صداق كما يأتي في قوله: وما على المشهور بالعفاف مهر ولا حلف الخ. وأحرى لا حد عليه، وظاهره أنه لا يفصل فيها التفصيل الآتي في مجهول الحال بين كونها معروفة بالصيانة أو لا بل الحكم ما ذكر في هذا القسم كيف ما كانت هي، وهو ظاهر ابن رشد أيضاً حيث قال: فإن ادعت على من لا يليق به ذلك وهي غير متعلقة به فلا خلاف أنه لا شيء على الرجل وأنها تحد له حد القذف وحد الزنا إن ظهر بها حمل، وإن لم يظهر بها فيتخرج وجوب حد الزنا عليها على الاختلاف فيمن أقر بوطء أمة رجل وادعى أنه اشتراها منه أو وطء امرأة وادعى أنه تزوجها، فتحد على مذهب ابن القاسم إلا أن ترجع عن قولها ولا تحد على مذهب أشهب اه. ومفهوم بعد التراخي أنها إذا جاءت متعلقة به فحد القذف لازم لها، وحد الزنا يسقط عنها مطلقاً كما يأتي في قوله: وحيث دعوى صاحبت تعلقا *** حد الزنا يسقط عنها مطلقا الخ. وكان حقه التقدم ههنا. وأشار إلى الثاني بقوله: (وذاك) مبتدأ خبره نقل آخر البيت و(في المجهول) يتعلق به (حالاً) تمييز محول عن النائب وقوله: (إن جهل حال لها) شرط حذف جوابه للدلالة عليه (أو لم تحز صوناً) معطوف على الشرط (نقل) والتقدير: وذاك الحكم المذكور في المعروف بالخير هو الحكم المنقول في المجهول حاله وإن كانت هي المجهولة الحال أيضاً أو معروفة بعدم الصيانة والعفاف، وعليه فإن كانت الدعوى بعد التراخي زمناً حدت للقذف وللزنا إن ظهر بها حمل وكذا إن لم يظهر في القول الأظهر. (وإن تكن ممن لها صون) والموضوع بحاله من دعواها على مجهول الحال (ففي وجوبه) أي حد القذف عليها (تخريجاً الخلف) مبتدأ خبره (قفي) وفي وجوبه متعلق به، والجملة جواب الشرط وتخريجاً مصدر بمعنى المفعول حال من الضمير في قفي، والتقدير: وإن تكن ممن لها صون فالخلف قفي في وجوب الحد عليها حال كونه مخرجاً لا نصاً، وظاهره أن الخلاف في حد الزنا والقذف والذي في ابن رشد تخصيصه بحد القذف ويظهر منه أنها تحد للزنا إن ظهر بها حمل أو لم يظهر على ما مر، وعلى القول بحدها له لا شيء عليه وعلى مقابله إنما عليه اليمين كما قال: (وحيث قيل لا تحد) فاليمين عليه (و) إن (نكل) عنها (فالمهر) يلزمه بنكوله (مع يمينها لها حصل) ولا حد عليه لأنه لم يقر والظرف والمجرور يتعلقان بحصل. هذا حكم المجهول إذا لم تتعلق به، وأما إن جاءت متعلقة به فلا حدّ عليها لا للزنا ولا للقذف حيث كانت من أهل العفاف وإلاَّ فقولان كما يأتي في قوله: وعدم الحد كذا للمنبهم حالاً الخ. (وما على المشهور بالعفاف) وهو القسم الأول (مهر ولا حلف بلا خلاف) وكان حقه التقديم إثر قوله: تستوجبه في الأظهر ويصل بذلك قوله: (وحيث دعوى) على المشهور بالخير والعفاف (صاحبت تعلقاً) به وقت النازلة جاءت مستغيثة تدمى إن كانت بكراً ف (حد الزنا يسقط عنها مطلقاً) ظهر بها حمل أم لا. لما بالغت من فضيحة نفسها، ومعنى التعلق أن تذكر ذلك في الحين وتشتكي بذلك لأهلها، وليس المراد أن تأتي ماسكة بيده أو بثوبه، فهذا لا يتأتى لها فيمن لا قدرة لها عليه. قال في أوائل نوازل الدعاوى من المعيار: معنى قولهم تدمى أن تأتي صارخة مستغيثة، ولو كانت ثيباً وليست كل معصوبة تقدر على التعلق. (و) أما (القذف) فكذلك لا حد عليها عند غير ابن القاسم، و(فيه الحد لابن القاسم وحلفه لديه) أي ابن القاسم (غير لازم). لأنه قد برأه ونزهه. (ومن نفى الحد) عنها بقذفه وهو غير ابن القاسم (فعنده يجب تحليفه) لها (بأن دعواها) عليه (كذب) فإن حلف برىء. (ومع نكوله) عن اليمين (لها) هي (اليمين) أن ما ادعته عليه لحق (ونأخذ الصداق) أي صداق مثلها (ما) أي شيء (يكون) قل أو جل، ومحل الخلاف المتقدم في حدها للقذف إنما هو إذا كانت معروفة بالصيانة والعفاف. (و) الأوجب (حدها له اتفاقاً إن تكن ليس لها صون ولا حال حسن). وهذه الأبيات من قوله: وما على المشهور بالعفاف إلى هنا كلها حقها التقديم إثر قوله: يستوجبه في الأظهر كما مرت إليه. ثم أشار إلى الدعوى على مجهول الحال المصحوبة بتعلقها به فقال: (وعدم الحد) للقذف والزنا (كذا) أي واجب اتفاقاً في دعواها (للمنبهم) أي عليه فاللام بمعنى (على) (وحالاً) تمييز محول عن الفاعل وهذا (إذا) جاءت متعلقة به تدمى إن كانت بكراً و(كانت) معروفة بالعفاف والصيانة (توقى) أصله تتوقى فحذفت إحدى التاءين لقول صاحب الخلاصة وما بتاءين قد يقتصر فيه على تا الخ. (يصم) أي يعيب ويقبح. (وإن تكن لا تتوقى ذلك) الذي يصم ويعيب (فالخلف) في حدها له للقذف (تخريجاً) حال من فاعل (بدا هنالك) وكان حقه أي يصل قوله: وعدم الحد الخ. بقوله مع يمينها لها حصل كما مرت الإشارة إليه، ثم إذا قلنا: لا تحد هنا اتفاقاً في الصينة وعلى أحد القولين في غيرها، فلا بد أن يحلف فإن نكل حلفت واستحقت عليه صداق مثلها كما قال بعد: وإن يكن مجهول حال فيجب *** تحليفه ومع نكول ينقلب الخ. فكان حقه أن يقدمه ههنا ثم أشار إلى الثالث بقسميه أي مع تعلق به أو بعد حين فقال: (وفي ادعائها على المشتهر بالفسق حالتان للمعتبر) أحداهما. (حال تشبث) أن تعلق به أي تذكر ذلك في الحين كما مر (وبكر تدمى فذي سقوط الحد عنها عمى. في القذف والزنا) إن لم يظهر بها حمل بل (وإن حمل ظهر) لما بالغت من فضيحة نفسها ولشبهة دعواها عليه (وفي وجوب المهر) لها عليه (خلف معتبر) فروى عيسى عن ابن القاسم: لا شيء عليه، ولو كان أشر من عبد الله بن الأزرق في زمانه، ولكن بعد يمينه لأنه إذا كان يحلف مجهول الحال لرد دعواها فأحرى هذا. وروى أشهب عن مالك: لها مهر مثلها إن كانت حرة أو ما نقصها إن كانت أمة، وبه صدر في المقدمات ونحوه في الواضحة عن مطرف وغيره، وهو الذي يجب العمل به لموافقته لما مر في الغصب عند قول الناظم: والقول للغاصب في دعوى التلف الخ. لأنه إذا كان المعمول به في الأموال أن المغصوب منه مصدق فأحرى في الفروج ولأنه راجع للمال، ومن حمل الناس على خلاف المعمول به الذي قدمناه فإنه يريد زيادة الفساد وتضييع حقوق العباد. وثالثها لابن الماجشون لها الصداق إن كانت حرة ولا شيء لها إن كانت أمة. (وحيث قيل إنها تستوجبه) أي الصداق (فبعد حلف في الأصح) عند ابن رشد وهو قول ابن القاسم (تطلبه) ومقابله لأشهب عن مالك أنها تأخذه بغير يمين، وربما يفهم من هذا أن لابن القاسم قولين: أحدهما لا شيء عليه وهي رواية عيسى عنه، والثاني يوافق عليه مالكاً ولكن يقول تأخذه بيمين. (وإن يكن مجهول حال فيجب تحليفه ومع نكول ينقلب). وتقدم أن حقه أن يذكر هذا البيت عقب قوله: فالخلف تخريجاً بدا هنالك. ثم أشار إلى مفهوم قوله: حال تشبث الخ. وهي الحالة الثانية بالنسبة للمشتهر بالفسق فقال: (وحالة) تدعي فيها على المشتهر بالفسق (بعد زمان الفعل فالحد ساقط) عنها للقذف وكذا للزنا (سوى مع حمل) يظهر بها فتحد حينئذ. (ولا صداق) لها في هذه الحالة، وإنما ينظر الإمام في أمره فيسجنه ويتجسس على حاله ويفعل فيه ما ينكشف به أمره (ثم إن) فعل به ما ذكر و(لم ينكشف من أمره ب) طول (السجن شيء فالحلف) أنه ما اغتصبها واجب علي. (وإن أبى من اليمين) أي امتنع منها (حلفت) هي (ولصداق المثل منه استوجبت) قاله ابن رشد وحاصله أنه لا صداق لها في مجرد الدعوى على الصالح ومجهول الحال مطلقاً وكذا في الفاسد إن حلف مع عدم تعلقها به فإن تعلقت فالمعمول به أن لها الصداق، وأما الحد فهو منتف على الرجل مطلقاً، وأما هي فتحد مع عدم التعلق في الصالح ومجهول الحال للقذف والزنا إن ظهر بها حمل أو لم يظهر في القول الأظهر (خ): وإن ادعت استكراها على غير لائق بلا تعلق حدث الخ. وإن تعلقت فلا حد للزنا وإن ظهر بها حمل وحدت للقذف في الصالح على قول ابن القاسم لا على قول غيره، ومحل الخلاف إن كانت صينة وإلا حدت اتفاقاً ولا تحد للقذف اتفاقاً مع الصون في المجهول الحال ومع عدمه قولان. ولا تحد في الدعوى على الفاسق مطلقاً مع التعلق؛ وكذا مع عدمه إن لم يظهر بها حمل والله أعلم. وانظر أواخر فصل الصداق من ابن عرفة فإنه أطال في المسألة وفيه زيادة على ما في النظم. وهي كما في الشامل أخذ مال أو غيره من حرز خفية لم يؤتمن فقوله أو غيره يريد به الطفل الصغير الحر الذي لا يعقل فإن آخذه يعد سارقاً ويقطع به وليس بمال، واحترز بقوله: من حرز مما لو أخذه من غير حرز فلا يعد سارقاً، والحرز هو ما لا يعد الواضع فيه مضيعاً فلا قطع في المتروك في السوق ونحوه من الأماكن التي لا تعد صوناً للمال عرفاً لأنه في غير حرز وبقوله خفية، مما لو أخذه جهاراً فإنه لا يسمى سارقاً بل مختطفاً أو محارباً أو غاصباً وبقوله: لم يؤتمن عليه مما لو أخذ ما في أمانته فإن هذا خائن لا سارق، ولا بد أن يكون المال المأخوذ نصاباً لا شبهة له فيه، ويكون أخذه بقصد واحد فلا قطع على من أخذ أقل من نصاب، ولا على من له شبهة فيه كالأب يأخذ مال ولده والعبد يأخذ مال سيده والمضطر في المجاعة يأخذ ما يسد جوعته، ولا على من أخذ نصاباً في مرات مع تعدد قصده، ولا بد أن يكون الآخذ مكلفاً، ولذا حدها ابن عرفة بقوله: أخذ مكلف حراً لا يعقل لصغره أو مالاً محترماً لغيره نصاباً أخرجه من حرزه بقصد واحد خفية لا شبهة فيه قال: فيخرج أخذ غير الأسير مال حربي وما اجتمع بتعدد إخراج وقصد والأب مال ولده والمضطر في المجاعة اه. فاحترز بالمكلف من المجنون والصبي فإن ما عليهما ضمان المال إن تلف لا القطع، وبقوله محترماً من أخذ الأسير مال حربي أو سرقة خمر لمسلم، لكن يرد عليه أخذ غير الأسير مال حربي فإنه لا قطع فيه، وإن أمن عليه فلو حذف غير لكان أحسن، وكذا يرد عليه خمر الذمي فإنه لا قطع فيه مع أنه محترم بالنسبة للذمي، ولذا كان يجب عليه غرم قيمتها إن تلف، وكذا يرد عليه أخذ ما في أمانته لأنه محترم أيضاً، لكن هذا ربما يقال أخرجه بقوله من حرزه إذ الأمين ليس المكان حرزاً بالنسبة إليه لأنه مأذون له في الدخول إليه، وبقوله نصاباً مما لو سرق أقل من ثلاثة دراهم أو من ربع دينار أو من مقوم بهما، لكن يرد عليه من سرق ثوباً خلقاً فوجد فيه ثلاثة دراهم فإنه يقطع مع كونه إنما قصد الثوب الذي لا يساوي ثلاثة دراهم، فإن أراد ما وجد فيه النصاب فيرد عليه ما إذا سرق خشبة فوجد فيها ثلاثة دراهم فإنه لا يقطع ويمكن الجواب بأن المراد نصاب موجود مقصود فيخرج بموجود الثوب المذكور وبمقصود الخشبة المذكورة، وبقوله بقصد واحد مما لو أخرج النصاب في مرات لا بقصد واحد، بل كانت نيته الاقتصار على ما أخرجه أولاً ثم بدا له فرجع وأخرج ما كمل به النصاب فإنه لا قطع عليه وهو مصدق في ذلك لأنه لا يعلم إلا من قوله: فإن أخرج أولاً بعضه بنية أن يرجع لما فيه تمام النصاب فأكثر فإنه يقطع لأنه صدق عليه أنه أخرجه بقصد واحد ويدخل في كلامه من سرق نصاباً، ثم سرقه آخر من السارق فإنهما يقطعان معاً لأن المال محترم بالنسبة للثاني لأنه في ضمان الأول. فائدة: قال عياض: أخذ المال بغير حق على ضروب عشرة: حرابة وغيلة وغصب وقهر وخيانة وسرقة واختلاس وخديعة وتعد وجحد، واسم الغصب يطلق على الجميع في اللغة كالحرابة كل ما أخذ مكابرة ومدافعة، والغيلة ما أخذ بعد قتل صاحبه بحيلة ليأخذ ماله، وحكمه حكم الحرابة. والغصب ما أخذه ذو القدرة والسلطان والقهر نحو منه إلا أن يكون من ذي القوة في جسمه للضعيف ومن الجماعة للواحد، والخيانة كل ما كان لآخذه قبله أمانة أو يد، والسرقة ما أخذ على وجه الاختفاء، والاختلاس كل ما أخذ بحضرة صاحبه على غفلة وفر آخذه بسرعة، والخديعة ما أخذه بحيلة كالتشبه بصاحب الحق، وصاحب الوديعة أو المتزيي بزي الصلاح ليأخذ المال بذلك، والجحد إنكار ما تقرر بذمة الجاحد وأمانته وهو نوع من الخيانة، والتعدي ما أخذ بغير إذن بحضرته أو مغيبه اه. (ومدع على امرىء إن سرقه ولم تكن دعواه بالمحققة). أي البينة التي تحقق دعواه فيشمل ما إذا قال: اتهمته لأن دعوى الاتهام لا بينة فيها، وما إذا حقق عليه الدعوى ولم تقم له بينة فالحكم في الصورتين واحد كما قال: فإن يكن مدعياً ذاك على *** من حاله في الناس حال الفضلا فليس) على المدعى عليه يمين ولا (من) زائدة (كشف لحاله) بالسجن ونحوه (ولا يبلغ بالدعوى عليه أملا) بل يلزم المدعي الأدب كما قال (خ) في الغصب: وأدب مميز كمدعيه على صالح الخ. وانظر ما تقدم في باب اليمين عند قوله: وتهمة إن قويت الخ. (وإن يكن مطالباً) بفتح اللام خبر يكن واسمها (من يتهم) ويجوز كسرها على أنه خبر يكن أيضاً واسمها ضمير يعود على رب المتاع ومن يتهم مفعول بالخبر المذكور ( فما لك بالضرب والسجن حكم) كما مرّ عن القرافي وغيره عند قوله: والقول للغاصب في دعوى التلف وظاهره أنه أطلق المتهم على ما يشمل مجهول الحال لأنه جعله قسماً للمعروف بالفضل ونحوه في التبصرة قائلاً مجهول الحال عند الحاكم الذي لا يعرف ببر ولا فجور إذا ادعي عليه بتهمة فإنه يحبس حتى يكشف حاله. هذا حكمه عند عامة علماء الإسلام والمنصوص عند أكثر الأئمة أنه يحبسه القاضي أو الوالي وهو منصوص لمالك وأصحابه اه. وقال قبل ذلك: إن المتهم بالفجور كالسرقة وقطع الطريق والقتل والزنا لا بد أن يكشف ويستقصي بقدر تهمته بذلك وشهرته به، وربما كان بالضرب قال: وليس تحليفه وإرساله مذهباً لأحد من الأئمة الأربعة ولا غيرهم، ولو حلفنا كل واحد منهم وأطلقناه مع العلم باشتهاره بالفساد في الأرض وكثرة سرقاته وقلنا: لا نأخذه إلا بشاهدي عدل كان ذلك مخالفاً للسياسة الشرعية، ومن ظن أن الشرع تحليفه وإرساله فقد غلط غلطاً فاحشاً مخالفاً لنصوص رسول الله صلوات الله عليه ولإجماع الأئمة قال: وقد تقدم أول الباب من أفعال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما يدل على عقوبة المتهم وحبسه. واعلم أن هذا النوع من المتهمين يجوز ضربه وحبسه لما قام على ذلك من الدليل الشرعي قال: وفي أحكام ابن سهل إذا وجد عند المتهم بعض المتاع المسروق وادعى أنه اشتراه ولا بينة له لم يؤخذ منه غير ما بيده، فإن كان مجهول الحال فعلى السلطان حبسه والكشف عنه، وإن كان معروفاً بالسرقة حبس حتى يموت في السجن اه. ونحوه لابن يونس عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ، وتقدم مثله عن مالك عند قوله: والقول للغاصب، وقوله: لم يؤخذ منه غير ما بيده الخ. هذا إنما يتمشى على المشهور لا على ما مر في الغصب من أن العمل مؤاخذة المتهم بالغرامة بمجرد الدعوى فضلاً عن كون بعض المسروق قد وجد بيده، وأن القول للمسروق منه في قدره، وقوله: حتى يموت الخ. بمثله كتب عمر بن عبد العزيز قائلاً: يسجن حتى يموت. قال في التبصرة: يعني إذا لم يقرَّ به. (وحكموا بصحة الإقرار) بالنسبة لغرم المال لا للقطع فلا يقطع (من ذاعر) بالذل المعجمة يعني مفزع ومخيف أو بالمهملة وهو الزاني الفاسق السارق (يحبس) أو يضرب ( لاختبار) فالمجهول إذا أقر في السجن عمل بإقراره وغرم المال، والمتهم المعروف بالعداء إذا أقر ولو تحت العص كذلك لأنه لما جاز ضربه وسجنه شرعاً كما مر جاز إقراره إذ لا فائدة له إلا ذاك والإكراه الشرعي طوع ولذا قال سحنون: وذلك خارج عن الإكراه ولا يعرف هذا الأمر إلا من ابتلي به يعني من القضاة ومن شابههم. قال في التبصرة: كأنه يقول إن ذلك الإكراه كان بوجه جائز شرعاً، وإذا كان من الحق عقوبته وسجنه لما عرف من حاله كان من الحق أن يؤاخذه باعترافه اه. وقال ابن رحال: إن حبس القاضي المتهم الذي يجب حبسه أو تخويفه أو ضربه فأقر فإنه يؤاخذ بإقراره على قول سحنون، فينبغي أن يعمل بهذا بالنسبة لغرم المال اه. وفي المتيطية: ويضرب السارق حتى يخرج الأعيان التي سرقها يعني إن كانت قائمة باقية فإن كانت مما لا يعرف بعينه أو مما يعرف بعينه، ولكن فوتها فيكفيه إقراره بها ويؤاخذ به كما مرّ، والخلاف في هذه المسألة كثير ولكن المعول عليه ما قدمناه في الغصب، وما درج عليه الناظم ههنا. وقد تقدم من كلام التبصرة وغيرها ما يشهد له ويشهد له أيضاً قول القرافي ما نصه: اعلم أن التوسعة على الحكام في أحكام السياسة ليس مخالفاً للشرع بل تشهد له الأدلة المتقدمة وتشهد له أيضاً القواعد من وجوه. أحدها: أن الفساد قد كثر وانتشر بخلاف العصر الأول، ومقتضى ذلك اختلاف الأحكام اه. وقال أيضاً: موضوع ولاية الوالي المنع من الفساد في الأرض وقمع أهل الشر، وذلك لا يتم إلا بالعقوبة للمتهمين المعروفين بالجرائم بخلاف ولاية القضاة، وقد تقدم عنه أن هذا مما لا يتميز به نظر القاضي والوالي، وإذا كان الفساد قد كثر في زمن القرافي فكيف بذلك في زماننا؟ فلا يعترض على الناظم بأنه ارتكب في هذا خلاف المشهور الذي درج عليه (خ) حيث قال وثبت إقرار إن طاع وإلاَّ فلا. ولو عين السرقة أو أخرج القتيل الخ. لأن مقابل المشهور قد يجري به الحكم والعمل لكثرة الفساد، وقد قال ابن رحال في حاشيته هنا: ولأن ( خ) يتبع مذهب المدونة وهي إنما قالت ذلك في وقت عدم كثرة الفساد كما قد رأيته عن القرافي، ولما زاد هذا الفساد وانتشر انتشار أبلغ الغاية قام مقام التحقيق، ولذلك جرى العمل بإغرام المتهم بمجرد الدعوى على ما تقدم في فصل الغصب، وما يروى عن مالك وغيره من اختلاف الأقوال في هذه المسألة لعله إنما هو باختلاف النوازل والبلدان، فرب بلد غلب على أهلها الفساد، ورب بلد لم يغلب، ورب شخص علم منه الفساد، ورب شخص وقع ذلك منه فلتة فلم يقل بخلوده في السجن والله أعلم. (ويقطع السارق باعتراف) بالسرقة طائعاً لا إن اعترف في السجن أو تحت العصا فلا قطع، وإنما عليه الغرم حيث كان متهماً أو مجهول الحال كما مر قريباً، ولا بد في القطع من كونه مكلفاً وكون المسروق مالاً محترماً نصاباً لم يؤمن عليه لا شبهة له فيه مأخوذاً من حرز وهو مما يصح بيعه كما مر. لا إن كان كخمر أو كلب ولو كلب الحراسة لوجود الخلاف في بيعه أو أضحية بعد ذبحها وجبت بالذبح ولا تباع على المفلس، بخلاف ما إذا سرق لحمها من متصدق عليه أو طنبور لأنه لا يباع لأن منفعته غير شرعية إلا أن يساوي بعد كسره نصاباً ونحو ذلك مما هو مذكور في (خ) (أو) بشهادة (شاهدي عدل) من إضافة الموصوف إلى صفته كصلاة الأولى ومسجد الجامع وعدل في الأصل مصدر يوصف به الواحد والمثنى والجمع (بلا خلاف). وظاهره أنه لا يشترط في قبول شهادتهما بيان نوعها وصفتها ولا كونها أخذت في ليل أو نهار، وهو كذلك إلا أنه يستحب للحاكم أن يسألهم عن ذلك فإن قالوا: لا نذكر اليوم ولا المكان قبلت عند ابن القاسم، وإن ذكروا الموضع واليوم أو النوع واختلفوا في شيء من ذلك فقال: هذا يوم الجمعة، وقال الآخر: يوم الخميس. أو قال: هذا سرقها من محل كذا وقال الآخر من غيره، أو قال نوعها كذا وقال الآخر خلافه بطلت فالبطلان إنما هو إذا قالوا تذكر اليوم ونحوه واختلفوا، وأما إن قالوا لا نذكر ذلك فلا تبطل كما لابن رشد، وهذا على أن سؤالهم مستحب كما هو ظاهر قولها: ينبغي للقاضي أن يكشف الشهود بالزنا والسرقة فحملها (خ) وغيره على الاستحباب فقال: وندب سؤالهم أي شهود الزنا كالسرقة ما هي وكيف أخذت الخ. وقال أبو الحسن: إلا أن ينبغي في كلامها للوجوب واستظهره (ح) وابن رحال. وهذا في حد الزنا والسرقة لأن الحدود يطلب درؤها بالشبهات لا في غيرها من الحقوق فإذا شهد شاهد بأن لفلان في ذمة فلان مائة دينار مثلاً فلا يكشف عن سكتها هل هي يزيدية أو محمدية، ولكن يقضي بالأغلب رواجاً في البلد كما مر في صدر البيوع، وأحرى أن لا يكشف عن اليوم الذي ترتبت فيه في ذمته لأنه لو أرخ بالشهر أو ترك التاريخ أصلاً لم تبطل. تنبيه: نقل البرزلي في نوازله: أن سراق المغرب اليوم كلهم لصوص تجري عليهم أحكام الحرابة من القتل أو القطع من خلاف أو النفي لا أحكام السرقة لأنهم يجعلون أحد السراق عند رأس صاحب المنزل في الحاضرة أو البادية متى رآه تحرك ضربه أو هدده ويجعلون واحداً يخرج الحيوان والمتاع والباقون واقفون بالسلاح يمنعونه ممن يقوم عليه قال: والحكم فيهم أنهم إذا أخذوا بعد أن قتل أحدهم رب المنزل قتلوا جميعاً، وإن لم يقتل أحد أجريت عليهم أحكام المحارب، وإذا أخذ أحدهم كان ضامناً لجميع ما أخذوه اه. قلت: وما قاله صحيح وما ذكره من الحكم عليهم بما ذكر إنما هو إذا ثبت عليهم ذلك ولو بالسماع الفاشي لقول (خ) في الحرابة: ولو شهد اثنان أنه المشتهر بها ثبتت وإن لم يعايناها، وأما إن لم يثبت ذلك لا بالسماع ولا بغيره وهو الغالب في هذا الوقت لعدم وجود من يشهد على من اكتسب التعظيم والاحترام بتلصصه كما مر في الغصب، فإنه ينكل ويخلد في السجن ولا أقل من أن ينفى من الأرض مؤاخذة له بالأيسر ردعاً له ولأمثاله. (ومن أقر) بسرقة (ولشبهة رجع) عن إقراره كقوله: أخذت مالي المودع أو المغصوب مني أو المعار، وظننت أن ذلك سرقة أو قال: أضافني فلان وأنزلني في بيته فأخذت منه كذا فظننت أنه سرقة (درىء عنه الحد في الذي وقع) منه لأنه في الثلاثة الأول إنما أخذ متاعه على زعمه وإن كان لا يقضي له بذلك بدون بينة، وأنه ماله وفي الرابعة هو خائن على زعمه لا سارق فلا قطع عليه كما مر أول الفصل. (ونقلوا في) رجوعه عن إقراره مع (فقدها) أي الشبهة كأن يقول: كذبت في إقراري أو أنكر الإقرار من أصله (قولين) في قبول رجوعه وعدمه والمشهور الأول (خ): وقبل رجوعه بلا شبهة ومحل القولين إذا لم يكن عين السرقة، وأما إن عينها ثم أنكر الإقرار من أصله فإنه لا يقبل إنكاره ويقطع اتفاقاً كما لابن رشد، ومثل السارق في قبول رجوعه لشبهة ولغيرها الزاني والشارب والمحارب وقد جمعت في قوله: ومثلهم من يشهد عليه بمعاينة زناه بالإحصان ثم رجع عنه، فإنه يقبل رجوعه ويجلد مائة ولا يرجم، وكذا من أقر بقتل الغيلة ثم رجع فإنه يقبل رجوعه، وفائدته أنه إذا عفا عنه الولي لم يقتل لأنه لم يبق بعد عفوه إلا قتله لحق الله وهو يدرأ بالرجوع لشبهة وغيرها، ومثله من أقر بالقتل عمداً لغير غيلة فرجع عن إقراره منكراً له، أو قال كذبت فيه فإنه يسقط عنه ضرب مائة وسجنه سنة، إذا عفا عنه الولي والضابط كل حد كان حقاً لله تعالى فإنه يسقط بالرجوع عن إقراره بموجبه فإن لم يرجع قاتل العمد وعفا عنه الولي فلا بد له من ذلك كما قال (خ) وعليه أي قاتل العمد مطلقاً كان مسلماً أو كافراً أو عبداً جلد مائة ثم حبس سنة وإن بقتل مجوسي أو عبده الخ. (و) إذا سقط القطع عن السارق برجوعه ف (الغرم) للمال (واجب) عليه (على) كلا (الحالين) الشبهة وعدمها على القول بأن رجوعه لغير شبهة معتبر، وهذا إذا كان حراً. وأما العبد إذا أقر بالسرقة ورجع وقد فات المسروق بذهاب عينه فإنه لا غرم عليه لأن ما بيده لسيده فلا يمضي إقراره عليه كما أفاده (خ) في الإقرار بقوله: كالعبد في غير المال الخ. لكن يتبع به إذا أعتق يوماً ما فإن لم يرجع عنها فالقطع ولا غرم عليه إذا أعتق كما يأتي. (وكل ما سرق وهو باق) بعينه بيد السارق أو غيره (فإنه يرد) لربه (باتفاق) أي إجماعاً ويرجع الغير على السارق إن كان أخذه منه بعوض، ولو كان السارق عبداً فإنه يتبعه به إذا عتق يوماً ما، وظاهره أنه يرد ولو قطع وهو كذلك، ومفهوم قوله: وهو باق الخ. أنه إذا فات بذهاب عينه ففيه تفصيل فإن كان متصل اليسر بالمسروق كله أو بعضه من يوم سرق إلى اليوم إقامة الحد عليه فإنه يقطع ويغرم كما قال: (وحيثما السارق بالحكم قطع) لعدم رجوعه عن إقراره بها أو لقيام البينة عليه ( فبالذي سرق في) حال (اليسر) المستمر إلى وقت القطع (اتبع) وإن كان وقت السرقة معسراً أو أعسر في بعض المدة التي بين السرقة والقطع لم يلزمه غرم ولو أيسر بعد القطع لخبر إذا أقيم الحد على السارق فلا ضمان عليه أي: لا يتبع به في عسره وقت السرقة أو فيما بين السرقة والقطع لئلا يجتمع عليه عقوبتان قطع يده واتباع ذمته، ومفهوم قطع أنه إذا لم يقطع لكونه سرقه من غير حرزة أو لقيام شاهد واحد عليه بها أو لكون المسروق أقل من نصاب أو لسقوط العضو الذي يجب قطعه بسماوي أو بجناية عليه أو لرجوعه عن الإقرار بها، ونحو ذلك اتبع به مطلقاً موسراً أو معسراً أو يحاصص به ربه غرماء السارق إن كان عليه دين وهو كذلك (خ): ووجب رد المال إن لم يقطع مطلقاً. (والحد) أي القطع (لازم على العبد) لا الغرم فلا يلزمه ولو كان ذا شائبة (متى أقر بالسرقة) بسكون الراء للوزن أي ولم يرجع عنه (شرعاً ثبتاً) خبر ثان أي: والحد لازم ثابت شرع على العبد الخ. ومفهوم أقر أنه إذا لم يقر بل شهد عليه شاهد واحد أو أقر بها سيده دونه فإن العبد حينئذ في جنايته فيخير سيده في إسلامه أو فدائه، لكن بعد يمين المسروق في الأولى، وأما إن ثبت عليه بشاهدين فالقطع ولا غرم، واحترزت بقولي ولم يرجع مما إذا رجع فإنه لا قطع ويتبع بها إذا عتق كما مر قريباً، وإنما كان العبد في جنايته إذا أقر بها سيده دونه لأن العبد إذا ادعي عليه بما يوجب القصاص أو القطع أو الأدب فإنه الذي يجيب عن ذلك لأنه الذي يؤاخذ به في بدنه لو أقر به، وأما إذا ادعي عليه بإتلاف زرع أو دابة عمداً أو خطأ أو قتل شخص أو قطعه خطأ أو سرقة شيء فأنكر، فإن الذي يجيب عن ذلك هو السيد، فإذا أقر لزمه أن يسلمه أو يفديه (خ) في آخر الشهادات وليجب عن القصاص العبد وعن الأرش السيد الخ. وهو باب مهم بلا شك لأن حفظ النفوس إحدى الخمس التي اجتمعت الملل على وجوب حفظها فقد نقل الأصوليون إجماع الملل على حفظ الأديان والنفوس والعقول والأعراض والأموال، وقد ذكر بعضهم الأنساب بدل الأموال. وفي الحديث الكريم: (لقتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا كلها) وفيه أيضاً: (من أعان على قتل أمرىء مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة بين عينيه مكتوب آيس من رحمة الله تعالى) اه. ونقله ابن الحاج وغيره قال: وورد عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركاً أو من قتل مؤمناً متعمداً) وقد أخبر تعالى أن قتل النفس بغير حق كقتل جميع الناس في عظم الإثم فقال: من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً} (المائدة: 32) قال مجاهد: جعل الله جزاء من قتل نفساً بغير حق جهنم وغضب عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً، فلو قتل جميع الخلق لم يزد من العذاب على ذلك، وما سماه الله عظيماً لا يعلم قدره إلا هو عز وجل اه. واختلف في قبول توبته على قولين مأخوذين من قول مالك لأنه مرة قال: لا تجوز إمامته وإن تاب، ويؤيده أن من شرط قبول التوبة رد التباعات ورد الحياة على المقتول متعذر إلا أن يحلله المقتول قبل موته، ومرة قال: هو في المشيئة يكثر من العمل الصالح والصدقة والجهاد والحج فيؤخذ منه قبول توبته. ابن رشد: من قال إن القاتل مخلد في النار أبداً فقط أخطأ، وخالف أهل السنة لأن القتل لا يحبط ما تقدم من إيمانه ولا ما اكتسب من صالح أعماله اه. وحكى ابن عطية الإجماع منا ومن المعتزلة على أن القصاص كفارة للقتل لحديث (من عوقب في الدنيا فهو كفارة له) قال: والجمهور على قبول توبته اه. وما حكاه من الإجماع طريقة له، بل حكى ابن رشد في ذلك قولين متساويين قيل كفارة، وقيل ليس بكفارة لأن المقتول لا منفعة له في القصاص، وإنما منفعته عائدة على الأحياء ليتناهى الناس عن القتل. قال تعالى: { ولكم في القصاص حياة} (البقرة: 179) أي لكم في مشروعية القصاص حياة لأن الشخص إذا علم أنه يقتص منه انكف عن القتل وهو ضربان قتل خطأ وسيأتي، وقتل عمد ولا واسطة بينهما على المشهور إلا ما ثبت من شبه العمد عند مالك في رمي الأب ولده بحديدة على ما يأتي عند قوله: وغلظت فثلثت في الإبل الخ خلافاً لمن أثبت شبه العمد في غير الأب وإلى العمد المحض أشار الناظم بقوله: (والقتل) بفعل حال كونه (عمداً) عدواناً (للقصاص موجب بعد ثبوته) أي العمد ( بما يستوجب) بكسر الجيم وفتح الياء مبنياً للفاعل والسين والتاء زائدتان أي القتل عمداً موجب للقصاص بعد ثبوته بما يجب ثبوته به، والذي يثبت به أحد أشياء ثلاثة بينها بقوله: (من اعتراف) شخص (ذي بلوغ عاقل) طائع أنه قتل فلاناً عمداً عدواناً لا باعتراف صبي أو مجنون أو مكره، فإن أقر أنه قتله خطأ وقال الأولياء: بل عمداً عدواناً فالظاهر أن القول للأولياء كما يأتي فيمن قامت بينة بضربه فقال: لم أقصد ضربه، وقال الأولياء: بل قصدته فإن القول لهم. (أو شاهدي عدل) شهدا (ب) معاينتهما ل (قتل) هذا (القاتل) العاقل البالغ لهذا المقتول أو شهدا بمعاينتهما لضربه وإن بقضيب أو لطمة أو وكزة أو حجر أو عصا فمات عاجلاً أو مغموراً لم يتكلم، فإن تكلم يوماً أو أياماً فالقصاص بقسامة أكل أو لم يأكل ما لم ينفذ مقتله فلا قسامة ولو أكل أو شرب وعاش أياماً كما في ابن الحاجب ولا يصدق أنه لم يقصد ضربه ولا أنه ضربه على وجه اللعب قال في الشامل: ولا يصدق في إرادة اللعب ولا أنه لم يرد قتله. واعلم أن أركان القصاص ثلاثة. أولها: القتل أي الفعل عمداً وهو معنى ما في البيت الأول، وقولي بفعل شامل للضرب والتخنيق والتثقيل ومنع الطعام وطرح غير محسن العوم في نهر ووضع مزلق بطريق، واتخاذ كلب عقور ونحو ذلك. وإلى هذا الركن أشار (خ) بقوله: إن قصد أي تعمد ضرب الغضب أو عداوة وإن بقضيب لخنق ومنع طعام أو مثقل ولا قسامة إن أنفذ مقتله أو مات مغموراً، ثم قال: وإن تصادما أو تجاذبا مطلقاً قصداً فماتا أو أحدهما فالقود وحملا عليه الخ. أي: على القصد وهو يوضح لك أن من وجد منه الضرب وإن بقضيب محمول على قصده فلا يقبل منه أنه لم يقصده أو أنه قصده على وجه اللعب. قال ابن فرحون: ويجوز للشهود أن يشهدوا بأنه قتله عمداً عدواناً، والعمدية صفة قائمة بالقلب فجاز للشاهد أن يشهد بها اكتفاه بالقرينة الظاهرة الخ. يعني لما رأوه من ضربه على وجه الغضب، وظاهر قوله عمداً أنه يقتل به ولو تبين خلاف الذات التي قصد قتلها كما لو ضربه على أنه عمرو فتبين أنه زيداً وعلى أنه عمرو بن فلان فتبين أنه عمرو بن فلان آخر، وهو كذلك إذ كلاهما معصوم ولا علينا في اعتقاده، وكذا لو قصد ضرب رأسه أو رجله فأصاب عينه ففقأها فإنه يقتص منه خلافاً لما في الرجراجي، وأما لو قصد ضرب هذه الذات عدواناً فأصاب ذاتاً أخرى فلا قود وهو خطأ خلافاً لما في (ح) والفرق أنه في الأول قصد هذه الذات فقتلها فتبين أن المقصود غيرها وهذه قصد ضرب هذه الذات فعدلت الرمية عنها إلى غيرها. واحترزت بقولي عدواناً عما إذا قصد ضرب شيء معتقداً أنه غير آدمي أو أنه آدمي غير محترم لكونه حربياً أو زانياً محصناً، فتبين أنه آدمي محترم فلا قصاص أيضاً ولو تكافئا، وإنما فيه الدية ويصدق بيمينه أنه ظنه حربياً لأن هذا وإن كان عمداً لكونه ليس بعدوان فإنه ملحق بالخطأ، ومما إذا كان الضرب على وجه اللعب وقامت قرينة عليه وإلاَّ فلا يصدق في إرادته كما مر، ومما إذا كان الضرب على وجه الأدب ممن يجوز له كالأب ونحوه فمات أو كسر رجله أو فقأ عينه فالدية على العاقلة إن بلغت الثلث وإلاَّ فعليه فقط. ويصدق الأب والمعلم والزوج في إرادة الأدب دون القتل إن كان بآلة يؤدب بمثلها لا إن ضربه المعلم باللوح ونحوه فإنه يقتص منه، وكذا إن ذبح الأب ولده أو شق بطنه لا إن رماه بالسيف وادعى أنه أدبه فلا يقتص منه، وثانيها القاتل وشرطه أن يكون عاقلاً بالغاً فحذفه من البيت الثاني لدلالة الأول عليه، وسيأتي أنه يزاد على ذلك كونه غير حربي مماثلاً للمقتول في الحرية والإسلام حيث قال: والقود الشرط به المثليه *** في الدم والإسلام والحريه الخ. فلا يقتل حربي بمسلم قتله في حال حربيته ثم أسلم، ولا مسلم بكافر ولو حراً، ولا حر مسلم بعبد كما يأتي. وثالثها: القتيل وشرطه أن يكون معصوم الدم كما يأتي في قوله: والشرط في المقتول عصمة الدم الخ. فلا يقتص من مسلم قتل مرتداً أو زانياً محصناً. ثم أشار إلى الأمر الثالث الذي يثبت به القتل فقال: (أو بالقسامة) وهي خمسون يميناً على قتل حر مسلم محقق الحياة فلا قسامة على قتل أضدادهم كما يأتي في قوله: وليس في عبد ولا جنين قسامة الخ (خ): والقسامة سببها قتل الحر المسلم يعني المحقق الحياة، ولكن لا يمكن منها الولي مطلقاً بل ( وباللوث تجب) وتثبت له بدونه (وهو) أي اللوث أمر يحصل منه غلبة الظن بصدق المدعي وينشأ عن أمور خمسة. أحدها: أنه ينشأ (بعدل) واحد (شاهد بما طلب) من معاينة القتل أو الضرب أو الجرح تأخر الموت بأكل أو شرب أم لا. كان المقتول بالغاً أم لا. مسلماً أو كافر، والمرأتان العدلتان كالشاهد الواحد فيما ذكر فيحلف الأولياء يميناً واحدة تكملة للنصاب أنه لقد قتله أو ضربه ثم خمسين يميناً أنه لقد قتله أو لقد ضربه أو جرحه ولمن ضربه أو جرحه مات ويستحقون القود في العمد والدية في الخطأ أو في عدم المماثل، اللهم إلا أن يشهد بأنه قتله غيلة فلا يقسمون معه لأنه لا يقبل فيها إلا العدلان على المعتمد كما في الزرقاني، وظاهر النظم كغيره أن شهادة العدل لوث ولو لم يوجد أثر الضرب الذي شهد به، وهو كذلك إذ الضرب قد لا يظهر أثره في خارج الجسد. وثانيها: أنه ينشأ عن شهادة اللفيف كما قال: (أو بكثير من لفيف الشهدا) اثني عشر فأكثر على ما به العمل شهدوا بمعاينة قتله أو ضربه أو جرحه على نحو ما تقدم في العدل الواحد، وهذا على ما عند الناظم، ولكن العمل الجاري بفاس قبول شهادة اللفيف في جميع الأمور فإن الستة منهم يقومون مقام العدل الواحد، وقد نص ناظمه على أن العمل جرى بنفي اليمين مع الاثني عشر، وظاهر كلامه وكلام شراحه ولو في الدماء لأن الاثني عشر في مرتبة العدلين ونصفها في مرتبة الواحد وعليه فشهادته ليست لوثاً فقط بل قائمة مقام العدلين ولا سيما على ما يأتي في قوله: ومالك فيما رواه أشهب الخ. لأنه يفهم منه حيث أوجب القسامة مع غير العدل المتحد أنها لا تجب مع المتعدد الكثير كما في اللفيف المذكور. (ويسقط الإعذار) للخصم (فيهم أبدا) لأنه مدخول فيهم على عدم العدالة فلا يقدح فيهم بكل ما يقدح به في العدول من مطل ولعب نيروز وحلف بعتق أو طلاق وعدم أحكام الصلاة والوضوء والغسل ونحو ذلك: نعم لا بد فيهم من ستر الحال فلا يقبل تارك الصلاة ولا مجاهر بالكبائر من كثرة كذب وإظهار سكر ولعب بقمار وسفه ومجون، ولا متهم كصديق وقريب للمشهود له أو عدو للمشهود عليه، وهذا إذا وجد في البلد أمثل منهم، وأما إذا عم الفساد بالسكر وكثرة الكذب والمجاهرة بالكبائر. فلا يقدح في شهادتهم بشيء من ذلك كما لشارح العمل عند قوله: لا بد في شهادة اللفيف *** من ستر حالهم على المعروف الخ. وإذا سقط الإعذار فيهم بما ذكر فلا بد أن يعذر إلى القاتل فيقال له: إن كانت لك منفعة من غير باب شهود اللفيف فأثبت بها، أو لك تجريح بالقرابة أو العداوة أو المجاهرة بالكبائر ويوسع له في الأجل كما في ابن سلمون وغيره. وثالثها: أن ينشأ عن الواحد غير العدل كما قال:
|